الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وأما القسم الثالث : وهو أن يكون كل واحد من الأول والثاني جارحا غير موج ، فلا تخلو جراح الأول من أحد ثلاثة أضرب :

                                                                                                                                            أحدها : أن يثبت الصيد بها .

                                                                                                                                            والثاني : أن لا يثبته بها .

                                                                                                                                            والثالث : أن يشك في إثباته بها .

                                                                                                                                            فإن علم أن الأول قد أثبت الصيد بجراحته . وذلك بأن يكسر رجل ما يعدو ، وجناح ما يطير ، فهو ملك للأول دون الثاني : لأنه بالإثبات قد صار مملوكا ، فوجب أن يكون ملكا لمثبته ، وإن لم يصر إلى يده كما لو وقع في فخه أو شبكته ، وإن علمنا أن الأول لم يثبته بجراحته وذلك بأن يراه بعد الجراحة يعدو أو يطير ، وهو للثاني دون الأول لوجود الإثبات بجراحته .

                                                                                                                                            فإن قيل : فكل واحد من الجرحين قد أثر في إثباته ، فهلا كان بينهما كما لو جرحا عبدا فمات فكان ضمانه عليها ، ولم يكن على الثاني منهما .

                                                                                                                                            قيل : لأن الجراحة الأولى في الصيد لم تؤثر في الملك ، فلم توجب الاشتراك فيه ، والجراحة الأولى في العبد مؤثرة في الضمان ، فأوجب الاشتراك فيه ، وإن شككنا في جراحة الأول ، هل أثبت الصيد بها أم لا ؟ وجب أن يكون الشك مطرحا واليقين معتبرا فيكون للثاني دون الأول : لأنه أصل الاقتناع حتى يتيقن ما عداه ، ويتيقن الإثبات مع الثاني دون الأول ، فصار ملك الصيد هنا بين أن يكون الأول في حالة واحدة وبين أن يكون الثاني في حالتين ، ولا يصح أن يكون بينهما نصفين : لأنهما فيه غير متساويين .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية