ذكر جبل وسلات وتونس فتح
في هذه السنة حصر عسكر علي بن يحيى ، صاحب إفريقية مدينة تونس وبها أحمد بن خراسان ، وضيق على من بها ، فصالحه على ما أراد .
وفيها فتح أيضا جبل وسلات بإفريقية ، واستولى عليه ، وهو جبل منيع ، ولم يزل أهله ، طول الدهر يفتكون بالناس ، ويقطعون الطريق ، فلما استمر ذلك منهم سير إليهم جيشا ، فكان أهل الجبل ينزلون إلى الجيش ، ويقاتلون أشد قتال ، فعمل قائد الجيش الحيلة في الصعود إلى الجبل من شعب لم يكن أحد يظن أنه يصعد منه ، فلما صار في أعلاه ، في طائفة من أصحابه ، ثار إليه أهل الجبل ، فصبر لهم ، وقاتلهم فيمن معه أشد قتال ، وتتابع الجيش في الصعود إليه ، فانهزم أهل الجبل ، وكثر القتل فيهم ، ومنهم من رمى نفسه فتكسر ومنهم من أفلت ، واحتمى جماعة كثيرة بقصر في الجبل ، فلما أحاط بهم الجيش طلبوا أن يرسل إليهم من يصلح حالهم ، فأرسل إليهم جماعة من العرب والجند ، فثار بهم أولئك بالسلاح ، فقتلوا بعضهم ، وطلع الباقون إلى أعلى القصر ، ونادوا أصحابهم من الجيش ، فأتوهم وقاتلوهم : بعضهم من أعلى القصر ، وبعضهم من أسفله ، فألقى من فيه من أهل الجبل أيديهم ، فقتلوا كلهم .