الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر وفاة إبراهيم ملك غزنة وملك ابنه مسعود

في هذه السنة توفي الملك المؤيد إبراهيم بن مسعود بن محمود بن سبكتكين ، صاحب غزنة ، وكان عادلا ، كريما ، مجاهدا ، وقد ذكرنا من فتوحه ما وصل إلينا ، وكان عاقلا ، ذا رأي متين ، فمن آرائه أن السلطان ملكشاه بن ألب أرسلان السلجوقي جمع عساكره وسار يريد غزنة ، ونزل بأسفرار ، فكتب إبراهيم بن مسعود كتابا إلى جماعة من أعيان أمراء ملكشاه يشكرهم ، ويعتد لهم بما فعلوا من تحسين قصد ملكشاه بلاده ليتم لنا ما استقر بيننا من الظفر به ، وتخليصهم من يده ، ويعدهم الإحسان على ذلك ، وأمر القاصد بالكتب أن يتعرض لملكشاه في الصيد ، ففعل ذلك ، فأخذ ، وأحضر عند السلطان ، فسأله عن حاله ، فأنكره ، فأمر السلطان بجلده ، فجلد ، [ ص: 322 ] فدفع الكتب إليه بعد جهد ومشقة ، فلما وقف ملكشاه عليها تحيل من أمرائه وعاد ، ولم يقل لأحد من أمرائه في هذا الأمر شيئا خوفا أن يستوحشوا منه .

وكان يكتب بخطه ، كل سنة ، مصحفا ، ويبعثه مع الصدقات إلى مكة ، وكان يقول : لو كنت موضع أبي مسعود بعد وفاة جدي محمود ، لما انفصمت عرى مملكتنا ، ولكني الآن عاجز عن [ أن ] أسترد ما أخذوه ، واستولى عليه ملوك قد اتسعت مملكتهم ، وعظمت عساكرهم .

ولما توفي ملك بعده ابنه مسعود ، ولقبه جلال الدين ، وكان قد زوجه أبوه بابنة السلطان ملكشاه ، وأخرج نظام الملك في هذا الإملاك والزفاف مائة ألف دينار .

التالي السابق


الخدمات العلمية