الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر حال السلطان بركيارق بعد الهزيمة وانهزامه من أخيه سنجر أيضا وقتل أمير داذ حبشي

لما انهزم السلطان بركيارق من أخيه السلطان محمد سار قليلا ، وهو في خمسين فارسا ، ونزل عتمة ، واستراح ، وقصد الري ، وأرسل إلى من كان يعلم أنه يريده ، ويؤثر دولته ، فاستدعاه ، فاجتمع معه جمع صالح ، فسار إلى إسفرايين ، وكاتب أمير داذ حبشي بن ألتونتاق ، وهو بدامغان ، يستدعيه ، فأجابه يشير عليه بالمقام بنيسابور حتى يأتيه ، وكان بيده حينئذ أكثر خراسان وطبرستان وجرجان ، فلما وصل بركيارق إلى [ ص: 436 ] نيسابور قبض على رؤسائها ، وخرج بهم ، وأطلقهم بعد ذلك ، وتمسك بعميد خراسان أبي محمد ، وأبي القاسم بن أبي المعالي الجويني . فأما أبو القاسم فمات مسموما في قبضه ، وقد تقدم أنه قتل سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة .

وعاد بركيارق فاستدعى أمير داذ فاعتذر بقصد السلطان سنجر بلاده في عساكر بلخ ، ويسأل السلطان بركيارق أن يصل إليه على الملك سنجر ، فسار إليه في ألف فارس ، فلم يعلم بقدومه إلا الأمراء الكبار من أصحاب سنجر ولم يعلموا الأصاغر لئلا ينهزموا .

وكان مع أمير داذ عشرون ألف فارس ، فيهم من رجالة الباطنية خمسة آلاف ، ووقع المصاف بين بركيارق وأخيه سنجر خارج النوشجان ، وكان الأمير بزغش في ميمنة سنجر ، والأمير كندكز في ميسرته ، والأمير رستم في القلب ، واشتغل العسكر بالنهب ، فحمل عليهم بزغش وكندكز ، فقتلا المنهزمين ، وانهزم الرجالة إلى مضيق بين جبلين ، فأرسل عليهم الماء فأهلكهم ، ووقعت الهزيمة على أصحاب بركيارق ، وكان قد أخذ والدة أخيه سنجر لما انهزم أصحابه أولا ، فخافت أن يقتلها بأمه ، فأحضرها وطيب قلبها ، وقال : إنما أخذتك حتى يطلق أخي سنجر من عنده من الأسرى ، ولست كفؤا لوالدتي حتى أقتلك . فلما أطلق سنجر الأسرى أطلقها بركيارق .

وهرب أمير داذ إلى بعض القرى ، وأخذ بعض التركمان ، فأعطاه في نفسه مائة ألف دينار ، فلم يطلقه ، وحمله إلى بزغش فقتله .

وسار بركيارق إلى جرجان ثم إلى دامغان ، وسار في البرية ، ورؤي في بعض المواضع ومعه سبعة عشر فارسا ، وجمازة واحدة ، ثم كثر جمعه ، وصار معه ثلاثة آلف فارس ، منهم : جاولي سقاووا ، وغيره ، وسار إلى أصبهان بمكاتبة من أهلها ، فسمع السلطان محمد ، فسبقه إليها ، فعاد إلى سميرم .

التالي السابق


الخدمات العلمية