الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 742 ] ذكر مسير القرامطة إلى مكة وما فعلوه بأهلها وبالحجاج وأخذهم الحجر الأسود

حج بالناس في هذه السنة منصور الديلمي ، وسار بهم من بغداذ إلى مكة ، فسلموا في الطريق ، فوافاهم أبو طاهر القرمطي بمكة يوم التروية ، فنهب هو وأصحابه أموال الحجاج ، وقتلوهم حتى في المسجد الحرام وفي البيت نفسه ، وقلع الحجر الأسود ونفذه إلى هجر ، فخرج إليه ابن محلب ، أمير مكة ، في جماعة من الأشراف ، فسألوه في أموالهم ، فلم يشفعهم ، فقاتلوه ، فقتلهم أجمعين ، وقلع باب البيت ، وأصعد رجلا ليقلع الميزاب فسقط فمات ، وطرح القتلى في بئر زمزم ودفن الباقين في المسجد الحرام حيث قتلوا بغير كفن ولا غسل ، ولا صلى على أحد منهم ، وأخذ كسوة البيت فقسمها بين أصحابه ، ونهب دور أهل مكة .

فلما بلغ ذلك المهدي أبا محمد عبيد الله العلوي بإفريقية كتب إليه ينكر عليه ذلك ، ويلومه ، ويلعنه ، ويقيم عليه القيامة ، ويقول : قد حققت على شيعتنا ودعاة دولتنا اسم الكفر والإلحاد بما فعلت ، وإن لم ترد على أهل مكة وعلى الحجاج وغيرهم ما أخذت منهم ، وترد الحجر الأسود إلى مكانه ، وترد كسوة الكعبة ، فأنا بريء منك في الدنيا والآخرة .

فلما وصله هذا الكتاب أعاد الحجر الأسود على ما نذكره ، واستعاد ما أمكنه من الأموال من أهل مكة ، فرده ، وقال : إن الناس اقتسموا كسوة الكعبة وأموال الحجاج ، ولا أقدر على منعهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية