الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( جمم ) ( هـ ) في حديث أبي ذر : قلت : يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كم الرسل ؟ قال : ثلاثمائة وخمسة عشر - في رواية - ثلاثة عشر ، جم الغفير هكذا جاءت الرواية . قالوا : والصواب جماء غفيرا .

                                                          [ ص: 300 ] يقال : جاء القوم جما غفيرا ، والجماء الغفير ، وجماء غفيرا . أي مجتمعين كثيرين . والذي أنكر من الرواية صحيح ، فإنه يقال جاءوا الجم الغفير ، ثم حذف الألف واللام ، وأضاف ، من باب صلاة الأولى ، ومسجد الجامع . وأصل الكلمة من الجموم والجمة ، وهو الاجتماع والكثرة ، والغفير من الغفر ، وهو التغطية والستر ، فجعلت الكلمتان في موضع الشمول والإحاطة . ولم تقل العرب الجماء إلا موصوفا ، وهو منصوب على المصدر ، كطرا ، وقاطبة ، فإنها أسماء وضعت موضع المصدر .

                                                          ( س ) وفيه : " إن الله تعالى ليدين الجماء من ذات القرن " الجماء : التي لا قرن لها ، ويدي : أي يجزي .

                                                          * ومنه حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - : " أمرنا أن نبني المدائن شرفا والمساجد جما " أي لا شرف لها . وجم : جمع أجم ، شبه الشرف بالقرون .

                                                          * ومنه حديث عمر بن عبد العزيز - رضي الله عنه - : " أما أبو بكر بن حزم فلو كتبت إليه : اذبح لأهل المدينة شاة ، لراجعني فيها : أقرناء أم جماء ؟ " وقد تكرر في الحديث ذكر الجماء ، وهي بالفتح والتشديد والمد : موضع على ثلاثة أميال من المدينة .

                                                          ( هـ ) وفيه : كان لرسول الله جمة جعدة الجمة من شعر الرأس : ما سقط على المنكبين .

                                                          * ومنه حديث عائشة - رضي الله عنها - حين بنى بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " قالت : وقد وفت لي جميمة " أي كثرت . والجميمة . تصغير الجمة .

                                                          * وحديث ابن زمل : " كأنما جمم شعره " أي جعل جمة . ويروى بالحاء ، وسيذكر .

                                                          ( هـ ) ومنه الحديث : " لعن الله المجممات من النساء " هن اللاتي يتخذن شعورهن جمة ، تشبيها بالرجال .

                                                          * وحديث خزيمة : " اجتاحت جميم اليبيس " الجميم : نبت يطول حتى يصير مثل جمة الشعر .

                                                          ( هـ ) وفي حديث طلحة - رضي الله عنه - : رمى إلي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بسفرجلة [ ص: 301 ] وقال : دونكها فإنها تجم الفؤاد أي تريحه . وقيل تجمعه وتكمل صلاحه ونشاطه .

                                                          ( هـ ) ومنه حديث عائشة - رضي الله عنها - في التلبينة : " فإنها تجم فؤاد المريض " .

                                                          * وحديثها الآخر : " فإنها مجمة لها " أي مظنة للاستراحة .

                                                          ( س ) وحديث الحديبية : " وإلا فقد جموا " أي استراحوا وكثروا .

                                                          * وحديث أبي قتادة - رضي الله عنه - : " فأتى الناس الماء جامين رواء " أي مستريحين قد رووا من الماء .

                                                          وحديث ابن عباس - رضي الله عنهما - : " لأصبحنا غدا حين ندخل على القوم وبنا جمامة " أي راحة وشبع وري .

                                                          ( هـ ) وحديث عائشة - رضي الله عنها - : " بلغها أن الأحنف قال شعرا يلومها فيه ، فقالت : سبحان الله . لقد استفرغ حلم الأحنف هجاؤه إياي ، ألي كان يستجم مثابة سفهه ؟ " أرادت أنه كان حليما عن الناس ، فلما صار إليها سفه ، فكأنه كان يجم سفهه لها : أي يريحه ويجمعه .

                                                          ( س ) ومنه حديث معاوية : " من أحب أن يستجم له الناس قياما فليتبوأ مقعده من النار " أي يجتمعون له في القيام عنده ، ويحبسون أنفسهم عليه ، ويروى بالخاء المعجمة . وسيذكر .

                                                          ( هـ ) وحديث أنس - رضي الله عنه - : " توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والوحي أجم ما كان " أي أكثر ما كان .

                                                          ( هـ ) وفي حديث أم زرع : مال أبي زرع على الجمم محبوس الجمم جمع جمة : وهم القوم يسألون في الدية : يقال : أجم يجم إذا أعطى الجمة .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية