الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( حبس ) ( هـ ) في حديث الزكاة : " إن خالدا جعل أدراعه وأعتده حبسا في سبيل الله " أي وقفا على المجاهدين وغيرهم . يقال حبست أحبس حبسا ، وأحبست أحبس إحباسا : أي وقفت ، والاسم الحبس بالضم .

                                                          ( س ) ومنه حديث ابن عباس رضي الله عنهما : " لما نزلت آية الفرائض قال النبي صلى الله [ ص: 329 ] عليه وسلم : لا حبس بعد سورة النساء " أراد أنه لا يوقف مال ولا يزوى عن وارثه ، وكأنه إشارة إلى ما كانوا يفعلونه في الجاهلية من حبس مال الميت ونسائه ، كانوا إذا كرهوا النساء لقبح أو قلة مال حبسوهن عن الأزواج ; لأن أولياء الميت كانوا أولى بهن عندهم . والحاء في قوله لا حبس : يجوز أن تكون مضمومة ومفتوحة على الاسم والمصدر .

                                                          ( س ) ومنه حديث عمر رضي الله عنه : " قال له النبي صلى الله عليه وسلم : " حبس الأصل وسبل الثمرة " أي اجعله وقفا حبيسا .

                                                          * ومنه الحديث الآخر : " ذلك حبيس في سبيل الله " أي موقوف على الغزاة يركبونه في الجهاد . والحبيس فعيل بمعنى مفعول .

                                                          ( هـ ) ومنه حديث شريح : " جاء محمد بإطلاق الحبس " الحبس : جمع حبيس ، وهو بضم الباء ، وأراد به ما كان أهل الجاهلية يحبسونه ويحرمونه : من ظهور الحامي ، والسائبة ، والبحيرة ، وما أشبهها ، فنزل القرآن بإحلال ما حرموا منها ، وإطلاق ما حبسوه ، وهو في كتاب الهروي بإسكان الباء ، لأنه عطف عليه الحبس الذي هو الوقف ، فإن صح فيكون قد خفف الضمة ، كما قالوا في جمع رغيف رغف بالسكون ، والأصل الضم ، أو أنه أراد به الواحد .

                                                          ( هـ ) وفي حديث طهفة : " لا يحبس دركم " أي لا تحبس ذوات الدر - وهو اللبن - عن المرعى بحشرها وسوقها إلى المصدق ليأخذ ما عليها من الزكاة ; لما في ذلك من الإضرار بها .

                                                          وفي حديث الحديبية : " ولكن حبسها حابس الفيل " هو فيل أبرهة الحبشي الذي جاء يقصد خراب الكعبة ، فحبس الله الفيل فلم يدخل الحرم ، ورد رأسه راجعا من حيث جاء ، يعني أن الله حبس ناقة النبي صلى الله عليه وسلم لما وصل إلى الحديبية فلم تتقدم ولم تدخل الحرم ، لأنه أراد أن يدخل مكة بالمسلمين .

                                                          ( هـ ) وفي حديث الفتح : " أنه بعث أبا عبيدة على الحبس " هم الرجالة ، سموا بذلك لتحبسهم عن الركبان وتأخرهم ، واحدهم حبيس ، فعيل بمعنى مفعول أو بمعنى فاعل ، كأنه يحبس من يسير من الركبان بمسيره ، أو يكون الواحد حابسا بهذا المعنى ، وأكثر ما تروى الحبس - بتشديد الباء وفتحتها - فإن صحت الرواية فلا يكون واحدها إلا حابسا كشاهد وشهد ، فأما حبيس فلا يعرف في [ ص: 330 ] جمع فعيل فعل ، وإنما يعرف فيه فعل كما سبق ، كنذيز ونذر . وقال الزمخشري : " الحبس - يعني بضم الباء والتخفيف - الرجالة ، سموا بذلك لحبسهم الخيالة ببطء مشيهم ، كأنه جمع حبوس ، أو لأنهم يتخلفون عنهم ويحتبسون عن بلوغهم ، كأنه جمع حبيس " .

                                                          * ومنه حديث الحجاج : " إن الإبل ضمر حبس ما جشمت جشمت " هكذا رواه الزمخشري . وقال : الحبس جمع حابس ، من حبسه إذا أخره . أي إنها صوابر على العطش تؤخر الشرب ، والرواية بالخاء والنون .

                                                          ( س ) وفيه : " أنه سأل : أين حبس سيل ، فإنه يوشك أن تخرج منه نار تضيء منها أعناق الإبل ببصرى " الحبس بالكسر : خشب أو حجارة تبنى في وسط الماء ليجتمع فيشرب منه القوم ويسقوا إبلهم . وقيل هو فلوق في الحرة يجتمع بها ماء لو وردت عليه أمة لوسعتهم . ويقال للمصنعة التي يجتمع فيها الماء حبس أيضا . وحبس سيل : اسم موضع بحرة بني سليم ، بينها وبين السوارقية مسيرة يوم ، وقيل إن حبس سيل - بضم الحاء - اسم للموضع المذكور .

                                                          وفيه ذكر : " ذات حبيس " بفتح الحاء وكسر الباء ، وهو موضع بمكة . وحبيس أيضا موضع بالرقة به قبور شهداء صفين .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية