الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( بهم ) ( هـ ) فيه : يحشر الناس يوم القيامة عراة حفاة بهما البهم جمع بهيم ، وهو في الأصل الذي لا يخالط لونه لون سواه ، يعني ليس فيهم شيء من العاهات والأعراض التي تكون في الدنيا كالعمى والعور والعرج وغير ذلك ، وإنما هي أجساد مصححة لخلود الأبد في الجنة أو النار . وقال بعضهم في تمام الحديث : " قيل وما البهم ؟ قال : ليس معهم شيء " ، يعني من أعراض الدنيا ، وهذا يخالف الأول من حيث المعنى .

                                                          [ ص: 168 ] * وفي حديث عياش بن أبي ربيعة : " والأسود البهيم كأنه من ساسم " أي المصمت الذي لم يخالط لونه لون غيره .

                                                          ( هـ ) وفي حديث علي رضي الله عنه : " كان إذا نزل به إحدى المبهمات كشفها " يريد مسألة معضلة مشكلة ، سميت مبهمة لأنها أبهمت عن البيان فلم يجعل عليها دليل .

                                                          * ومنه حديث قس : تجلو دجنات الدياجي والبهم البهم جمع بهمة بالضم ، وهي مشكلات الأمور .

                                                          ( هـ ) ومنه حديث ابن عباس رضي الله عنهما : " أنه سئل عن قوله تعالى : وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم ولم يبين أدخل بها الابن أم لا ، فقال : أبهموا ما أبهم الله " قال الأزهري : رأيت كثيرا من أهل العلم يذهبون بهذا إلى إبهام الأمر وإشكاله ، وهو غلط . قال وقوله تعالى : حرمت عليكم أمهاتكم إلى قوله وبنات الأخت هذا كله يسمى التحريم المبهم ; لأنه لا يحل بوجه من الوجوه ، كالبهيم من ألوان الخيل الذي شية فيه تخالف معظم لونه ، فلما سئل ابن عباس رضي الله عنهما عن قوله تعالى : وأمهات نسائكم ولم يبين الله تعالى الدخول بهن أجاب فقال : هذا من مبهم التحريم الذي لا وجه فيه غيره ، سواء دخلتم بنسائكم أو لم تدخلوا بهن ، فأمهات نسائكم محرمات من جميع الجهات . وأما الربائب فلسن من المبهمات ; لأن لهن وجهين مبينين ، أحللن في أحدهما وحرمن في الآخر ، فإذا دخل بأمهات الربائب حرمت الربائب ، وإن لم يدخل بهن لم يحرمن ، فهذا تفسير المبهم الذي أراد ابن عباس ، فافهمه . انتهى كلام الأزهري . وهذا التفسير منه إنما هو للربائب والأمهات لا لحلائل الأبناء ، وهو في أول الحديث إنما جعل سؤال ابن عباس عن الحلائل لا الربائب والأمهات .

                                                          * وفي حديث الإيمان والقدر : وترى الحفاة العراة رعاء الإبل والبهم يتطاولون في البنيان البهم جمع بهمة وهي ولد الضأن الذكر والأنثى ، وجمع البهم بهام ، وأولاد المعز سخال ، فإذا اجتمعا أطلق عليهما البهم والبهام ، قال الخطابي : أراد برعاء الإبل والبهم الأعراب وأصحاب البوادي الذين ينتجعون مواقع الغيث ولا تستقر بهم الدار ، يعني أن البلاد تفتح فيسكنونها ويتطاولون في البنيان . وجاء [ ص: 169 ] في رواية : رعاة الإبل البهم بضم الباء والهاء على نعت الرعاة وهم السود . وقال الخطابي : والبهم بالضم جمع البهيم ، وهو المجهول الذي لا يعرف .

                                                          ( س ) وفي حديث الصلاة : " إن بهمة مرت بين يديه وهو يصلي " .

                                                          ( س ) والحديث الآخر : أنه قال للراعي ما ولدت ؟ قال : بهمة ، قال : اذبح مكانها شاة فهذا يدل على أن البهمة اسم للأنثى ; لأنه إنما سأله ليعلم أذكرا ولد أم أنثى ، وإلا فقد كان يعلم أنه إنما ولد أحدهما .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية