قلت : أرأيت ، أتنتقض القسمة فيما بينهم أم لا ؟ إن ترك دورا أو عقارا أو عروضا ولم يترك دراهم ولا دنانير ، فأقام رجل البينة بعدما اقتسم الورثة أن الميت أوصى له بألف درهم
قال : لم أسمع من فيه شيئا إلا أني أرى أن يقال للورثة : اصطلحوا فيما بينكم وأخرجوا وصية هذا الرجل وأقروا قسمتكم بحالها إن أحببتم ، فإن [ ص: 285 ] أبوا ردت القسمة وبيع من مال هذا الميت مقدار وصية هذا الرجل إذا كان الثلث يحمل ذلك ، ثم اقتسم الورثة ما بقي . وإنما جعلنا الورثة ههنا بالخيار إن أحبوا أن يؤدوا الدين الذي لحق من الوصية في مال الميت ، وإلا ردوا ما أخذوا من مال الميت فباعوا منه مقدار دين هذا الميت واقتسموا ما بقي بينهم ; لأنهم يقولون هذا مال الميت الذي ورثناه فأخرجوا منه الدين ولا نخرج نحن الدين من أموالنا . وكذلك إن قال ذلك واحد منهم ، كان ذلك له ولا يجبر على أن يخرج حظه من الدين من مال نفسه ، فإن قال بعضهم نحن نخرج الدين من أموالنا ، وقال أحدهم لا أخرج الدين من مالي ولكن ردوا القسمة وبيعوا فأوفوا الوصية ، ثم اقتسموا ما بقي فيما بيننا . مالك
قال : القول قول هذا الذي أبى ، وتنتقض القسمة ويدفعون إلى هذا المستحق حقه من الوصية ، ثم يقتسمون ما بقي . وذلك أنه ليس لهم إذا أبى صاحبهم أن يشتروا ما في يديه بغير رضاه ; لأن الدين لما لحق دخل في جميع ما في أيديهم . فلو جوزنا لهم ما قالوا لقلنا لهذا لذي أبى : بع ما في يديك وأوف الغرماء أو هذا الموصى له حصتك من ذلك ، ولعل ذلك الذي لحقه يغترق ما في يديه ، ولعل قسمتهم إنما كانت على التغابن فيما بينهم ، أو لعله قد أتت جائحة من السماء على ما في يديه فأتلفته ، ثم لحق الدين أو الوصية فلا يكون عليه لذلك شيء . فهذا الذي يدلك على إبطال القسمة فيما بينهم إذا أبى هذا الواحد وقال لا أخرج حصتي ، ولا يجوز شراؤهم ما في أيديهم بحصتهم من الدين ; لأن هذا الذي أبى لو تلف ما في يديه مما كان أخذ من مال الميت بجائحة أتت من السماء ، لم يضمن فلا تتم الوصية ولا يتم الدين ، ولم أسمع هذا بعينه عن إلا أنه رأيي ; لأن مالك قال : إذا لحق الميت دين وقد اقتسمت الورثة ، أخذ الدين مما في أيديهم . وما تلف بأمر من أمر السماء مما كان في أيديهم لم يلزم واحدا منهم ما تلف في يديه من ذلك ، فلما قال مالكا هذا ، علمنا أن القسمة تنتقض فيما بينهما . مالك
قلت : أرأيت إن لحق دين أو وصية في مال هذا الميت ، وقد اقتسم الورثة الدور والرقيق وجميع ما ترك الميت فيما بينهم ، فقام الورثة كلهم : تنتقض القسمة ونبيع فنوفي هذا الرجل حقه أو وصيته ، والوصية دراهم أو كيل من الطعام . فقال واحد منهم : لا أنقض القسمة ولكن أنا أوفي هذا الرجل دينه أو وصيته من مالي ، ولا أتبعكم بشيء ، وذلك لأنه مغتبط بحظه من ذلك ؟
قال : لم أسمع من فيه شيئا أو أرى ذلك له ولا تنتقض القسمة . مالك