قلت : أرأيت أيكون لهؤلاء الذين أحيوا هذا الدين على الميت أن يتبعوا هؤلاء الغرماء الذين أخذوا حقهم من مال الميت ، والحق الذي أخذه الغرماء الأولون من مال الميت في أيديهم لم يستهلكوه ؟ لو أن رجلا هلك وترك مالا وورثة ، وترك عليه دينا ، فأخذ الغرماء دينهم واقتسم الورثة ما بقي بعد الدين ، ثم أتى قوم فأحيوا على الميت دينا وقد أتلف الورثة جميع ما قبضوا من مال الميت وأعدموا
قال : قال : ليس لهم أن يتبعوا الغرماء الأولين إذا كان ما أخذه الورثة بعد الدين فيه وفاء لهذا الدين الذي أحيا هؤلاء الآخرون ، لأن دينهم يجعل فيما أخذه الورثة ، ولا يجعل دينهم فيما اقتضى الغرماء من مال الميت ; لأن ههنا فضل مال . وإنما يكون لهؤلاء الذين أحيوا هذا الدين أن يتبعوا الورثة عدماء كانوا أو أملياء وليس لهم غير ذلك . مالك
قال : وإن كان ليس فيما أخذ الورثة بعد الدين وفاء بهذا الدين الذي أحيا هؤلاء الغرماء ، رجع هؤلاء الذين أحيوا هذا الدين على الغرماء الأولين بما زاد من دينهم على الذي أخذت الورثة ، فيحاصون الغرماء بما يصير لهم في يد كل واحد من الغرماء بحال ما وصفت لك . وتفسير ذلك ، أنه ينظر إلى هذا الغريم كم كان يدرك أن لو كان حاضرا في محاصتهم فيما في أيديهم وفيما في أيدي الورثة ، فينظر إلى عدد الذي كان يصيبه في محاصته ، ثم ينظر إلى الذي بيد الورثة فيقاص به ، فيتبعهم به ويرجع بما بقي على الغرماء فيأخذه منهم على قدر حصصهم ، يضرب بذلك في نصيبهم ولا يحاص بجميع دينه فيما أخذوا ، ولكن يحاص فيما فسرت لك . مالك
قلت : لم جعل لهؤلاء الغرماء الأولين الذين اقتضوا حقوقهم ما قبضوا دون الغرماء الآخرين الذين أحيوا الدين على الميت إذا كان ورثته قد أتلفوا ما في أيديهم ، وكان فيما بقي في أيدي الورثة وفاء بديون الآخرين ؟ مالك
قال : لأنه يقال للغرماء الآخرين : ليس مغيبكم إذا لم يعلم بدينكم مما يمنع به هؤلاء الحضور من قضاء ديونهم ، فلما كان لهم أن يقبضوا ديونهم ، إذا لم يعلموا بكم دونكم ، جاز ذلك لهم دونكم لأنه كان حكم فلا يرد إذا وقع .