[ الوفيات ]
في هذه السنة توفيت
جدة السلطان محمود لأبيه ، وهي
والدة السلطان سنجر ، وكانت تركية تعرف
بخاتون السفرية ، وكان موتها
بمرو فجلس
محمود ببغداذ للعزاء بها ، وكان عزاء لم يشاهد مثله الناس .
وفيها توفي
الخطير محمد بن الحسين الميبذي ببلاد
فارس ، وهو في وزارة
الملك سلجوق ابن السلطان محمد ، وكان قديما وزر للسلطانين
بركيارق ومحمد ، وكان جوادا حليما ، سمع أن الأبيوردي هجاه ، فلما سمع الهجو مضه ، فعض على إبهامه ، وصفح عنه ، وخلع عليه ووصله .
وفيها توفي
الشهاب أبو المحاسن عبد الرزاق بن عبد الله وزير السلطان سنجر ، وهو ابن أخي نظام الملك ، وكان يتفقه قديما على
nindex.php?page=showalam&ids=12441إمام الحرمين الجويني فكان يفتي ويوقع ، ووزر بعده
أبو طاهر سعد بن علي بن عيسى القمي ، وتوفي بعد شهور ، فوزر بعده
عثمان القمي .
ذكر
nindex.php?page=treesubj&link=33800عدة حوادث .
وفيها ، في جمادى الأولى ، أوقع أتابك
nindex.php?page=showalam&ids=16252طغتكين بطائفة من
الفرنج ، فقتل منهم وأسر وأرسل من الأسرى والغنيمة للسلطان وللخليفة .
وفيها تضعضع الركن اليماني من البيت الحرام ، زاده الله شرفا ، من زلزلة ، وانهدم
[ ص: 673 ] بعضه ، وتشعث بعض حرم النبي ، صلى الله عليه وسلم ، وتشعث غيرها من البلاد ، وكان
بالموصل كثير منها .
وفيها احترقت دار السلطان ، كان قد بناها
مجاهد الدين بهروز للسلطان محمد ، ففرغت قبل وفاته بيسير ، فلما كان الآن احترقت .
وسبب الحريق أن جارية كانت تخضبت ليلا ، فأسندت شمعة إلى الخيش فاحترق ، وعلقت النار منه في الدار ، واحترق فيها من
زوجة السلطان محمود بنت السلطان سنجر ما لا حد له من الجواهر ، والحلى ، والفرش ، والثياب ، وأقيم الغسالون يخلصون الذهب ، وما أمكن تخليصه ، وكان الجوهر جميعه قد هلك إلا الياقوت الأحمر .
وترك السلطان الدار لم تجدد عمارتها ، وتطير منها ، لأن أباه لم يتمتع بها ، ثم احترق فيها من أموالهم الشيء العظيم ، واحترق قبلها بأسبوع جامع
أصبهان ، وهو من أعظم الجوامع وأحسنها ، أحرقه قوم من
الباطنية ليلا وكان السلطان قد عزم على أخذ حق البيع ، وتجديد المكوس
بالعراق ، بإشارة الوزير
السميرمي عليه بذلك ، فتجدد من هذين الحريقين ما هاله ، واتعظ فأعرض عنه .
وفيها ، في ربيع الآخر ، انقض كوكب عشاء ، وصار له نور عظيم ، وتفرق منه أعمدة عند انقضاضه ، وسمع عند ذلك صوت هدة عظيمة كالزلزلة .
وفيها ظهر
بمكة إنسان علوي ، وأمر بالمعروف ، فكثر جمعه ، ونازع أمير
مكة nindex.php?page=showalam&ids=12534ابن أبي هاشم ، وقوي أمره ، وعزم على أن يخطف لنفسه ، فعاد
nindex.php?page=showalam&ids=12534ابن أبي هاشم وظفر به ، ونفاه عن
الحجاز إلى
البحرين ، وكان هذا العلوي من فقهاء النظامية
ببغداذ .
وفيها ألزم السلطان أهل الذمة
ببغداذ بالغيار ، فجرى فيه مراجعات انتهت إلى أن قرر عليهم للسلطان عشرون ألف دينار ، وللخليفة أربعة آلاف دينار .
[ ص: 674 ] وفيها حضر
السلطان محمود وأخوه
الملك مسعود عند الخليفة ، فخلع عليهما ، وعلى جماعة من أصحاب السلطان ، منهم : وزيره
nindex.php?page=showalam&ids=14527أبو طالب السميرمي ،
وشمس الملك عثمان بن نظام ، والوزير
أبو نصر أحمد بن محمد بن حامد المستوفي ، وعلى غيرهم من الأمراء .
وفيها ، في ذي القعدة ، وهو الحادي والعشرون من كانون الثاني ، سقط
بالعراق جميعه من
البصرة إلى
تكريت ثلج كثير ، وبقي على الأرض خمسة عشر يوما ، وسمكه ذراع وهلكت أشجار النارنج ، والأترج ، والليمون ، فقال فيه بعض الشعراء :
يا صدور الزمان ليس بوفر ما رأيناه في نواحي العراق إنما عم ظلمكم سائر الخلق
، فشابت ذوائب الآفاق
وفيها هبت
بمصر ريح سوداء ثلاثة أيام ، فأهلكت كثيرا من الناس وغيرهم من الحيوانات .
[ الوفيات ]
وفيها توفي
nindex.php?page=showalam&ids=14095أبو محمد القاسم بن علي بن محمد بن عثمان الحريري ، صاحب المقامات المشهورة ،
وهزارسب بن عوض الهروي ، وكان قد سمع الحديث كثيرا .
[ الْوَفَيَاتُ ]
فِي هَذِهِ السَّنَةِ تُوُفِّيَتْ
جَدَّةُ السُّلْطَانِ مَحْمُودٍ لِأَبِيهِ ، وَهِيَ
وَالِدَةُ السُّلْطَانِ سَنْجَرَ ، وَكَانَتْ تُرْكِيَّةً تُعْرَفُ
بِخَاتُونَ السَّفَرِيَّةِ ، وَكَانَ مَوْتُهَا
بِمَرْوَ فَجَلَسَ
مَحْمُودٌ بِبَغْدَاذَ لِلْعَزَاءِ بِهَا ، وَكَانَ عَزَاءً لَمْ يُشَاهِدْ مِثْلَهُ النَّاسُ .
وَفِيهَا تُوُفِّيَ
الْخَطِيرُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْمَيْبُذِيُّ بِبِلَادِ
فَارِسَ ، وَهُوَ فِي وِزَارَةِ
الْمَلِكِ سُلْجُوقَ ابْنِ السُّلْطَانِ مُحَمَّدٍ ، وَكَانَ قَدِيمًا وَزَرَ لِلسُّلْطَانَيْنِ
بُرْكِيارُقَ وَمُحَمَّدٍ ، وَكَانَ جَوَادًا حَلِيمًا ، سَمِعَ أَنَّ الْأَبْيَوَرْدِيَّ هَجَاهُ ، فَلَمَّا سَمِعَ الْهَجْوَ مَضَّهُ ، فَعَضَّ عَلَى إِبْهَامِهِ ، وَصَفَحَ عَنْهُ ، وَخَلَعَ عَلَيْهِ وَوَصَلَهُ .
وَفِيهَا تُوُفِّيَ
الشِّهَابُ أَبُو الْمَحَاسِنِ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَزِيرُ السُّلْطَانِ سَنْجَرَ ، وَهُوَ ابْنُ أَخِي نِظَامِ الْمُلْكِ ، وَكَانَ يَتَفَقَّهُ قَدِيمًا عَلَى
nindex.php?page=showalam&ids=12441إِمَامِ الْحَرَمَيْنِ الْجُوَيْنِيِّ فَكَانَ يُفْتِي وَيُوَقِّعُ ، وَوَزَرَ بَعْدَهُ
أَبُو طَاهِرٍ سَعْدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى الْقُمِّيُّ ، وَتُوُفِّيَ بَعْدَ شُهُورٍ ، فَوَزَرَ بَعْدَهُ
عُثْمَانُ الْقُمِّيُّ .
ذِكْرُ
nindex.php?page=treesubj&link=33800عِدَّةِ حَوَادِثَ .
وَفِيهَا ، فِي جُمَادَى الْأُولَى ، أَوْقَعَ أَتَابِكُ
nindex.php?page=showalam&ids=16252طُغْتِكِينُ بِطَائِفَةٍ مِنَ
الْفِرِنْجِ ، فَقَتَلَ مِنْهُمْ وَأَسَرَ وَأَرْسَلَ مِنَ الْأَسْرَى وَالْغَنِيمَةِ لِلسُّلْطَانِ وَلِلْخَلِيفَةِ .
وَفِيهَا تَضَعْضَعَ الرُّكْنُ الْيَمَانِيُّ مِنَ الْبَيْتِ الْحَرَامِ ، زَادَهُ اللَّهُ شَرَفًا ، مِنْ زَلْزَلَةٍ ، وَانْهَدَمَ
[ ص: 673 ] بَعْضُهُ ، وَتَشَعَّثَ بَعْضُ حَرَمِ النَّبِيِّ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَتَشَعَّثَ غَيْرُهَا مِنَ الْبِلَادِ ، وَكَانَ
بِالْمَوْصِلِ كَثِيرٌ مِنْهَا .
وَفِيهَا احْتَرَقَتْ دَارُ السُّلْطَانِ ، كَانَ قَدْ بَنَاهَا
مُجَاهِدُ الدِّينِ بَهْرُوزَ لِلسُّلْطَانِ مُحَمَّدٍ ، فَفَرَغَتْ قَبْلَ وَفَاتِهِ بِيَسِيرٍ ، فَلَمَّا كَانَ الْآنَ احْتَرَقَتْ .
وَسَبَبُ الْحَرِيقِ أَنَّ جَارِيَةً كَانَتْ تَخَضَّبَتْ لَيْلًا ، فَأَسْنَدَتْ شَمْعَةً إِلَى الْخَيْشِ فَاحْتَرَقَ ، وَعَلِقَتِ النَّارُ مِنْهُ فِي الدَّارِ ، وَاحْتَرَقَ فِيهَا مِنْ
زَوْجَةِ السُّلْطَانِ مَحْمُودٍ بِنْتِ السُّلْطَانِ سَنْجَرَ مَا لَا حَدَّ لَهُ مِنَ الْجَوَاهِرِ ، وَالْحُلَى ، وَالْفُرُشِ ، وَالثِّيَابِ ، وَأُقِيمَ الْغَسَّالُونَ يُخَلِّصُونَ الذَّهَبَ ، وَمَا أَمْكَنَ تَخْلِيصُهُ ، وَكَانَ الْجَوْهَرُ جَمِيعُهُ قَدْ هَلَكَ إِلَّا الْيَاقُوتَ الْأَحْمَرَ .
وَتَرَكَ السُّلْطَانُ الدَّارَ لَمْ تُجَدَّدْ عِمَارَتُهَا ، وَتَطَيَّرَ مِنْهَا ، لِأَنَّ أَبَاهُ لَمْ يَتَمَتَّعْ بِهَا ، ثُمَّ احْتَرَقَ فِيهَا مِنْ أَمْوَالِهِمُ الشَّيْءُ الْعَظِيمُ ، وَاحْتَرَقَ قَبْلَهَا بِأُسْبُوعٍ جَامِعُ
أَصْبَهَانَ ، وَهُوَ مِنْ أَعْظَمِ الْجَوَامِعِ وَأَحْسَنِهَا ، أَحْرَقَهُ قَوْمٌ مِنَ
الْبَاطِنِيَّةِ لَيْلًا وَكَانَ السُّلْطَانُ قَدْ عَزَمَ عَلَى أَخْذِ حَقِّ الْبَيْعِ ، وَتَجْدِيدِ الْمُكُوسِ
بِالْعِرَاقِ ، بِإِشَارَةِ الْوَزِيرِ
السُّمِيرَمِيِّ عَلَيْهِ بِذَلِكَ ، فَتَجَدَّدَ مِنْ هَذَيْنِ الْحَرِيقَيْنِ مَا هَالَهُ ، وَاتَّعَظَ فَأَعْرَضَ عَنْهُ .
وَفِيهَا ، فِي رَبِيعٍ الْآخِرِ ، انْقَضَّ كَوْكَبٌ عِشَاءً ، وَصَارَ لَهُ نُورٌ عَظِيمٌ ، وَتَفَرَّقَ مِنْهُ أَعْمِدَةٌ عِنْدَ انْقِضَاضِهِ ، وَسُمِعَ عِنْدَ ذَلِكَ صَوْتُ هَدَّةٍ عَظِيمَةٍ كَالزَّلْزَلَةِ .
وَفِيهَا ظَهَرَ
بِمَكَّةَ إِنْسَانٌ عَلَوِيُّ ، وَأَمَرَ بِالْمَعْرُوفِ ، فَكَثُرَ جَمْعُهُ ، وَنَازَعَ أَمِيرَ
مَكَّةَ nindex.php?page=showalam&ids=12534ابْنَ أَبِي هَاشِمٍ ، وَقَوِيَ أَمْرُهُ ، وَعَزَمَ عَلَى أَنْ يَخْطِفَ لِنَفْسِهِ ، فَعَادَ
nindex.php?page=showalam&ids=12534ابْنُ أَبِي هَاشِمٍ وَظَفِرَ بِهِ ، وَنَفَاهُ عَنِ
الْحِجَازِ إِلَى
الْبَحْرِينِ ، وَكَانَ هَذَا الْعَلَوِيُّ مِنْ فُقَهَاءِ النِّظَامِيَّةِ
بِبَغْدَاذَ .
وَفِيهَا أَلْزَمَ السُّلْطَانُ أَهْلَ الذِّمَّةِ
بِبَغْدَاذَ بِالْغِيَارِ ، فَجَرَى فِيهِ مُرَاجَعَاتٌ انْتَهَتْ إِلَى أَنْ قُرِّرَ عَلَيْهِمْ لِلسُّلْطَانِ عِشْرُونَ أَلْفَ دِينَارٍ ، وَلِلْخَلِيفَةِ أَرْبَعَةُ آلَافِ دِينَارٍ .
[ ص: 674 ] وَفِيهَا حَضَرَ
السُّلْطَانُ مَحْمُودٌ وَأَخُوهُ
الْمَلِكُ مَسْعُودٌ عِنْدَ الْخَلِيفَةِ ، فَخَلَعَ عَلَيْهِمَا ، وَعَلَى جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِ السُّلْطَانِ ، مِنْهُمْ : وَزِيرُهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14527أَبُو طَالِبٍ السُّمِيرَمِيُّ ،
وَشَمْسُ الْمُلْكِ عُثْمَانُ بْنُ نِظَامٍ ، وَالْوَزِيرُ
أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَامِدٍ الْمُسْتَوْفِي ، وَعَلَى غَيْرِهِمْ مِنَ الْأُمَرَاءِ .
وَفِيهَا ، فِي ذِي الْقَعْدَةِ ، وَهُوَ الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ مِنْ كَانُونَ الثَّانِي ، سَقَطَ
بِالْعِرَاقِ جَمِيعِهِ مِنَ
الْبَصْرَةِ إِلَى
تِكْرِيتَ ثَلْجٌ كَثِيرٌ ، وَبَقِيَ عَلَى الْأَرْضِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا ، وَسُمْكُهُ ذِرَاعٌ وَهَلَكَتْ أَشْجَارُ النَّارِنْجِ ، وَالْأُتْرُجِّ ، وَاللَّيْمُونِ ، فَقَالَ فِيهِ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ :
يَا صُدُورَ الزَّمَانِ لَيْسَ بِوَفْرٍ مَا رَأَيْنَاهُ فِي نَوَاحِي الْعِرَاقِ إِنَّمَا عَمَّ ظُلْمُكُمْ سَائِرَ الْخَلْقِ
، فَشَابَتْ ذَوَائِبُ الْآفَاقِ
وَفِيهَا هَبَّتْ
بِمِصْرَ رِيحٌ سَوْدَاءُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ، فَأَهْلَكَتْ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ وَغَيْرَهُمْ مِنَ الْحَيَوَانَاتِ .
[ الْوَفَيَاتُ ]
وَفِيهَا تُوُفِّيَ
nindex.php?page=showalam&ids=14095أَبُو مُحَمَّدٍ الْقَاسِمُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ الْحَرِيرِيُّ ، صَاحِبُ الْمَقَامَاتِ الْمَشْهُورَةِ ،
وَهَزَارَسْبُ بْنُ عِوَضٍ الْهَرَوِيُّ ، وَكَانَ قَدْ سَمِعَ الْحَدِيثَ كَثِيرًا .