في هذه السنة سار صاحب سليمان بن قتلمش قونية وأقصرا وأعمالها من بلاد الروم ، إلى الشام ، فملك مدينة أنطاكية من أرض الشام ، وكانت بيد الروم من سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة .
وسبب ملك سليمان أن صاحبها الفردوس الرومي كان قد سار عنها إلى بلاد الروم ورتب بها شحنة ، وكان الفردوس مسيئا إلى أهلها . وإلى جنده أيضا ، حتى إنه حبس ابنه ، فاتفق ابنه والشحنة على تسليم البلد إلى ، وكاتبوه يستدعونه ، فركب البحر في ثلاثمائة فارس وكثير من الرجالة وخرج منه ، وسار في جبال وعرة ، ومضايق شديدة ، حتى وصل إليها للموعد ، فنصب السلاليم ، باتفاق من سليمان بن قتلمش الشحنة ومن معه ، وصعد السور ، واجتمع بالشحنة وأخذ البلد في شعبان ، فقاتله أهل البلد ، فهزمهم مرة بعد أخرى ، وقتل كثيرا من أهلها ، ثم عفا عنهم وتسلم القلعة المعروفة بالقسيان ، وأخذ من الأموال ما يجاوز الإحصاء ، وأحسن إلى الرعية ، وعدل فيهم ، وأمرهم بعمارة ما خرب ، ومنع أصحابه من النزول في دورهم ومخالطتهم .
ولما ملك سليمان أنطاكية أرسل إلى يبشره بذلك ، وينسب هذا الفتح إليه لأنه من أهله ، وممن يتولى طاعته ، فأظهر السلطان ملكشاه ملكشاه البشارة به وهنأه الناس ، فممن قال فيه الأبيوردي من قصيدة مطلعها :
لمعت كناصية الحصان الأشقر نار بمعتلج الكثيب الأعفر وفتحت أنطاكية الروم التي
نشرت معاقلها على الإسكندر وطئت مناكبها جيادك فانثنت
تلقي أجنتها بنات الأصفر
وهي طويلة .