ذكر يعقوب ، وولاية أخيه عمرو موت
وفيها مات تاسع شوال بجنديسابور من يعقوب بن الليث الصفار كور الأهواز ، [ ص: 361 ] وكانت علته القولنج ، فأمره الأطباء بالاحتقان بالدواء ، فلم يفعل ، واختار الموت .
وكان المعتمد قد أنفذ إليه رسولا وكتابا يستميله ويترضاه ، ويقلده أعمال فارس ، فوصل الرسول ويعقوب مريض ، فجلس له ، وجعل عنده سيفا ، ورغيفا من الخبز الخشكار ، ومعه بصل ، وأحضر الرسول ، فأدى الرسالة ، فقال له : قل للخليفة إنني عليل ، فإن مت فقد استرحت منك واسترحت مني ، وإن عوفيت فليس بيني وبينك إلا هذا السيف ، حتى آخذ بثأري ، أو تكسرني وتعقرني ، وأعود إلى هذا الخبز والبصل ، وأعاد الرسول ، فلم يلبث يعقوب أن مات .
وكان يسمي الحسن بن زيد العلوي يعقوب بن الليث السندان لثباته ، وكان يعقوب قد افتتح الرخج ، وقتل ملكها ، أسلم أهلها على يده ، كانت مملكته واسعة الحدود ، وكان اسم ملكها كبتير ، وكان يحمل على سرير من ذهب يحمله اثنا عشر رجلا ، وابتنى على جبل عال بيتا ، وسماه مكة ، وكان يدعي الإلهية ، فقتله يعقوب ، وافتتح الخلجية ، وزابل ، وغير ذلك ، ولم أعلم أي سنة كان ذلك حتى أذكره فيها .
وكان يعقوب عاقلا ، حازما ، وكان يقول : من عاشرته أربعين يوما فلم تعرف أخلاقه ، فلا تعرفها سنة ، وقد تقدم من سيرته ما يدل على عقله .
ولما مات قام بالأمير بعده أخوه عمرو بن الليث ، وكتب إلى الخليفة بطاعته ، فولاه الموفق خراسان ، وفارس ، وأصبهان ، وسجستان ، والسند وكرمان ، والشرطة ببغداذ ، وأشهد بذلك ، وسيره إليه مع الخلع .