ذكر خلافة المتوكل
وفي هذه السنة بويع ، بعد موت المتوكل على الله جعفر بن المعتصم الواثق . ( وسبب خلافته أنه لما مات الواثق حضر الدار ، أحمد بن أبي دؤاد وإيتاخ ، ووصيف ، وعمر بن فرج ، وابن الزيات ، وأبو الوزير أحمد بن خالد ، وعزموا على البيعة ) ، وهو غلام أمرد ، قصير ، فألبسوه دراعة سوداء وقلنسوة ، فإذا هو قصير ، فقال لمحمد بن الواثق وصيف : أما تتقون الله ؟ تولون هذا الخلافة ! فتناظروا فيمن تولونه . فذكروا عدة ثم أحضر المتوكل ، فلما حضر ألبسه الطويلة ، وعممه ، وقبل بين عينيه ، [ ص: 110 ] وقال : السلام عليك يا أمير المؤمنين ، ورحمة الله وبركاته ! ثم غسل أحمد بن أبي دؤاد الواثق ، وصلي عليه ، ودفن .
وكان عمر المتوكل ، يوم بويع ، ستا وعشرين سنة ، ووضع العطاء للجند لثمانية أشهر ، وأراد ابن الزيات [ أن ] يلقبه المنتصر ، فقال : قد رأيت لقبا أرجو أن يكون موافقا ، وهو أحمد بن أبي دؤاد المتوكل على الله ، فأمر بإمضائه ، فكتب إلى الآفاق .
وقيل : بل رأى المتوكل في منامه ، قبل أن يستخلف ، كأن سكرا ينزل عليه من السماء ، مكتوب عليه المتوكل على الله ، فقصها [ على ] أصحابه ، فقالوا : هي والله الخلافة ، فبلغ ذلك الواثق ، فحبسه وضيق عليه .
وحج بالناس . محمد بن داود