الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( فصل ) في العاقلة وكيفية تأجيل ما تحمله

                                                                                                                            وسموا عاقلة لعقلهم الإبل بفناء دار المستحق ، ويقال : لتحملهم عن الجاني العقل : أي الدية ، ويقال لمنعهم . عنه والعقل المنع ، ومنه سمي العقل عقلا لمنعه من الفواحش ( دية الخطأ وشبه العمد تلزم ) الجاني أولا على الأصح ثم تتحملها ( العاقلة ) ; لأنه صلى الله عليه وسلم قضى بالدية على عاقلة الجاني ، ولما روي { أن امرأتين اقتتلتا ، [ ص: 370 ] فحذفت إحداهما الأخرى بحجر فقتلتها وما في بطنها ، فقضى صلى الله عليه وسلم أن دية جنينها غرة عبد أو أمة ، وقضى بدية المرأة على عاقلتها } أي القاتلة وقتلها شبه عمد فثبوت ذلك في الخطأ أولى .

                                                                                                                            والمعنى فيه أن القبائل في الجاهلية كانوا يقومون بنصرة الجاني منهم ويمنعون أولياء الدم أخذ حقهم ، فأبدل الشرع تلك النصرة ببذل المال ، وخص تحملهم بالخطأ وشبه العمد ; لأنهما مما يكثر لا سيما في متعاطي الأسلحة فحسنت إعانته لئلا يتضرر بما هو معذور فيه وأجلت الدية عليهم رفقا بهم ، ولو أقر بأحدهما فكذبته عاقلته وحلفوا على نفي العلم لزمته وحده وهذا وإن قدمه لكن ذكره توطئة لقوله ( وهم عصبته ) الذين يرثونه بنسب أو ولاء إذا كانوا ذكورا مكلفين بشروطهم الآتية فلا شيء على غير هؤلاء ولو موسرين ، وتضرب على الغائب حصته حيث كان أهلا ، فإذا حضر أخذت منه ، وشرط تحمل العاقلة أن تكون صالحة لولاية النكاح : أي ولو بالقوة فدخل الفاسق لتمكنه من إزالة مانعه حالا من حين الفعل إلى الفوات

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( فصل ) في العاقلة وكيفية تأجيل ما تحمله

                                                                                                                            ( قوله : وكيفية تأجيل ما تحمله ) أي وما يتبع ذلك كحكم من مات في أثناء سنة ( قوله : ثم تتحملها العاقلة ) [ ص: 370 ] حيث ثبت القتل بالبينة أو بإقرار الجاني وصدقته العاقلة لما يأتي ( قوله : فحذفت إحداهما ) اسمها أم عطية وقيل أم عطيف واسم الأخرى المضروبة مليكة ا هـ م ر

                                                                                                                            ( قوله : لئلا يتضرر بما هو معذور فيه ) هو واضح بالنسبة للخطإ أما في شبه العمد فلعله ; لأنه قد يحتاج بالضرب بما لا يقتل غالبا فهو معذور فيه أيضا في الجملة

                                                                                                                            ( قوله : وهم عصبته ) أي وقت الجناية ، وعليه فلو سرى الجرح إلى النفس ومات ، وكانت عاقلته يوم الجرح غيرها يوم السراية فالدية على العاقلة يوم الجناية فليراجع

                                                                                                                            ( قوله : الذين يرثونه بنسب أو ولاء ) قد يقال : قضية قوله الآتي ثم معتق إلخ ترك أو ولاء ا هـ سم على حج .

                                                                                                                            أقول : ويجاب بأنه ذكر هنا بيان العاقلة بأنهم مطلق العصبة ثم بين ترتيبهم بعد بقوله يقدم إلخ

                                                                                                                            ( قوله : وتضرب على الغائب ) أي حيث ثبتت الجناية بالبينة أو صدقت العاقلة ومنهم الغائب ، فلو لم يعلم حال الغائب من تصديق ولا تكذيب وقف ما يخصه إلى حضوره

                                                                                                                            ( قوله : فدخل الفاسق ) أي بقوله ولو بالقوة

                                                                                                                            ( قوله : لتمكنه من إزالة مانعه ) قد يقال المرتد متمكن كذلك ا هـ سم على حج .

                                                                                                                            أقول : وقد يقال خلفه أمر آخر ، وهو أنه ليس من أهل المناصرة للجاني لاختلاف الدين

                                                                                                                            ( قوله : من حين الفعل ) متعلق بقوله أن تكون صالحة



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( فصل ) في العاقلة ( قوله : ثم تتحملها ) يلزم عليه قراءة . العاقلة في المتن مرفوعا بعد أن كان منصوبا وهو غير جائز فكان ينبغي [ ص: 370 ] حذف قوله ثم تتحملها ثم يأتي على وجه التمييز بعد المتن بأن يقول تحملا كما صنع التحفة ( قوله : فخذفت ) هو بإلخاء والذال المعجمتين : أي رمتها بحجر صغير ( قوله : بنسب أو ولاء ) ذكر قوله أو ولاء هنا غير مناسب لسياق المتن أولا وآخرا كما يعلم بتتبعه فيما يأتي ، ومن ثم اقتصر الجلال على قوله بنسب ( قوله : لتمكنه من إزالة مانعه ) أورد عليه سم المرتد




                                                                                                                            الخدمات العلمية