الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ولو ) ( أظهر قوم رأي الخوارج ) وهم صنف من المبتدعة ( كترك الجماعات ) ; لأن الأئمة لما أقروا على المعاصي كفروا بزعمهم فلم يصلوا خلفهم ( وتكفير ذي كبيرة ) أي فاعلها فيحبط عمله ويخلد في النار عندهم ( ولم يقاتلوا ) أهل العدل وهم في قبضتهم ( تركوا ) فلا يتعرض لهم ; إذ لا يكفرون بذلك بل ولا يفسقون ما لم يقاتلوا قال الأذرعي سواء كانوا بيننا أو امتازوا بموضع لكن لم يخرجوا عن طاعته ; لأن عليا رضي الله عنه سمع رجلا من الخوارج يقول : لا حكم إلا لله ورسوله ويعرض بتخطئة تحكيمه ، فقال : كلمة حق أريد بها باطل نعم إن تضررنا بهم تعرضنا لهم إلى زوال الضرر كما نقله القاضي عن الأصحاب ( وإلا ) بأن قاتلوا أو لم يكونوا في قبضتنا ( فقطاع طريق ) في حكمهم الآتي في بابهم لا بغاة خلافاللبلقيني ، نعم لو قتلوا لم يتحتم قتل القاتل منهم ; لأنهم لم يقصدوا إخافة الطريق ، فإن قصدوها تحتم ، وإن سبوا الأئمة أو غيرهم من أهل العدل عزروا إلا إن عرضوا بالسب فلا يعزرون ، ويؤخذ من قولهم ولا يفسقون عدم فسق سائر أنواع المبتدعة الذين [ ص: 404 ] لا يكفرون ببدعتهم بدليل قبول شهادتهم ، ولا يلزم من ورود ذمهم ووعيدهم الشديد ككونهم كلاب أهل النار الحكم بفسقهم ; لأنهم لم يفعلوا محرما في اعتقادهم وإن أخطئوا وأثموا به من حيث إن الحق في الاعتقاديات واحد قطعا هو ما عليه أهل السنة وأن مخالفه آثم غير معذور ، ولا ينافي ذلك اقتضاء أكثر تعاريف الكبيرة فسقهم لوعيدهم الشديد وقلة اكتراثهم بالدين ; لأن ذلك بالنسبة لأحوال الآخرة لا الدنيا لما تقرر من كونهم لم يفعلوا محرما عندهم ، كما أن الحنفي يحد بالنبيذ لضعف دليله وتقبل شهادته ; لأنه لم يفعل محرما عنده . نعم هو لا يعاقب ; لأن تقليده صحيح بخلافهم كما علم مما تقرر

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            أظهر قوم رأي الخوارج وهم صنف من المبتدعة وقوله : لأن الأئمة : أي سبب لخروجهم

                                                                                                                            ( قوله : تركوا ) أي ولو كانوا منفردين بمحلة

                                                                                                                            ( قوله : ما لم يقاتلوا ) أي فإن قاتلوا فسقوا ، ولعل وجهه أنهم لا شبهة لهم في القتال وبتقديره فهي باطلة قطعا

                                                                                                                            ( قوله : ويعرض بتخطئة تحكيمه ) أي بينه وبين معاوية ا هـ دميري

                                                                                                                            ( قوله : نعم إن تضررنا بهم ) أي مع عدم قتالهم

                                                                                                                            ( قوله : إلى زوال الضرر ) أي ولو بقتلهم

                                                                                                                            ( قوله : فإن قصدوها تحتم ) أي قتل القاتل منهم إن علم ، فإن لم يعلم لا يتعرض لهم إلا بردهم إلى الطاعة



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : لأن عليا إلخ . ) كان ينبغي ولأن بالعطف ، ثم إن ما ذكره من أثر علي رضي الله عنه لم يتم به الدليل ، بل لا بد فيه من ذكر بقيته وهي أنه قال للخارجي المذكور بعد ما في الشارح ما نصه : لكم علينا ثلاثة : لا نمنعكم مساجد الله أن تذكروه [ ص: 404 ] فيها ولا الفيء ما دامت أيديكم معنا ولا نبدأ بقتالكم ( قوله : لأنهم لم يفعلوا محرما في اعتقادهم ) قالسم : قد يقال لا أثر لهذا مع قوله وأثموا به مع أنه آثم غير معذور




                                                                                                                            الخدمات العلمية