الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ولو ) ( قال ) لغيره عند الإشراف على الغرق أو القرب منه ( ألق متاعك ) في البحر ( وعلي ضمانه أو على أني ضامن ) له أو على أن أضمنه ونحو ذلك ، وألقاه وتلف ( ضمن ) المستدعي وإن لم يحصل له النجاة ; لأنه التماس لغرض صحيح بعوض فلزمه كأعتق عبدك بكذا أو طلق زوجتك بكذا أو أطلق الأسير أو اعف عن فلان أو أطعمه وعلي كذا ، فعلم أنه ليس المراد بالضمان هنا حقيقته السابقة في بابه ، ثم إن سمى الملتمس عوضا حالا أو مؤجلا لزمه وإلا ضمنه ، ولا بد كما قاله البلقيني [ ص: 368 ] وإن نظر فيه من أن يشير إلى ما يلقيه أو يكون معلوما له ، وإلا فلا يضمن إلا ما يلقيه بحضرته ، ويشترط استمراره ، فلو رجع عنه قبل الإلقاء لم يلزمه شيء ، ويضمن المستدعي المثل صورة كالقرض في المثلي والقيمة في المتقوم كما جرى عليه جمع وإن رجح البلقيني تبعا لظاهر كلامهم لزوم القيمة مطلقا ، والمعتبر فيه ما يقابل به قبل هيجان البحر ; إذ لا مقابل له بعده ولا تجعل قيمته في البحر كقيمته في البر ، ولو قال لزيد ألق متاع عمرو ، وعلي ضمانه فألقاه ضمنه الملقي لمباشرته للإتلاف ، إلا أن يكون المأمور أعجميا يعتقد وجوب طاعة آمره فيضمن الآمر ; لأن ذاك آلة له ، ونقلا عن الإمام وأقراه عدم ملك الملتمس الملقى ، فلو لفظه البحر فهو لمالكه ويرد ما أخذه بعينه إن بقي وإلا فبدله ، وظاهر أن محله حيث لم ينقصه البحر ، وإلا ضمن الملتمس نقصه لتسببه فيه كما صرح به الإسنوي وغيره ، ولو قال : ألق متاعك وأنا ضامن له وركاب السفينة أو على أني أضمنه أنا ، وركابها أو أنا ضامن له وهم ضامنون أو أنا وركابها ضامنون له كل منا على الكمال أو على أني ضامن وكل منهم ضامن لزمه الجميع أو أنا وركابها ضامنون له لزمه قسطه ، وإن أراد به الإخبار عن ضمان سبق منهم وصدقوه لزمهم ، وإن أنكروا صدقوا وإن صدقه بعضهم فلكل حكمه ، وإن قال : أنشأت عنهم الضمان برضاهم لم يلزمهم ، وإن رضوا أو أنا [ ص: 369 ] وهم ضمناء وضمنت عنهم بإذنهم لزمه الجميع ، فإن أنكروا الإذن صدقوا ولا يرجع عليهم ، أو أنا وهم ضامنون وأخلصه من مالهم أو من مالي لزمه الجميع أو أنا وهم ضامنون ، ثم باشر الإلقاء بإذن المالك ضمن القسط لا الجميع في أوجه الوجهين ( ولو ) ( اقتصر على ) قوله ( ألق ) متاعك ولم يقل وعلي ضمانه أو على أني ضامن ( فلا ) يضمنه ( على المذهب ) لعدم الالتزام ، وفي وجه من الطريق الثاني فيه الضمان كقوله : أد ديني فأداه فإنه يرجع عليه في الأصح ، وفرق الأول بأن أداء الدين ينفعه قطعا ، والإلقاء هنا قد لا ينفعه ( وإنما يضمن ملتمس لخوف غرق ) فلو قال حالة الأمن : ألقه ، وعلي ضمانه لم يضمنه ; إذ لا غرض ، ويتجه أن خوف قاصد نحو القتل إذا غلب كخوف الغرق ( ولم يختص نفع الإلقاء بالملقي ) بأن اختص بالملتمس أو أجنبي أو هما أو أحدهما والمالك أو يعم الجميع ، بخلاف ما إذا اختص بالمالك فقط بأن أشرفت سفينة بها متاعه على الغرق فقال له من بالشط أو سفينة أخرى ألق متاعك وعلي ضمانه فلا يضمنه ; لأنه وقع لحظ نفسه فكيف يستحق به عوضا

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله ضمن المستدعي ) أي الطالب ( قوله : وعلي كذا ) أي فلو أسقط قوله وعلي إلخ لم يجب عليه شيء ، وقوله حقيقته وهي ضمان ما في ذمة الغير ( قوله : وإلا ضمنه ) [ ص: 368 ] أي بالمثل في المثلي والقيمة في المتقوم على ما يأتي

                                                                                                                            ( قوله : إلا ما يلقيه بحضرته ) أي بحضرة الملتمس

                                                                                                                            ( قوله : فلو رجع عنه قبل الإلقاء لم يلزمه شيء ) أي مما ألقاه بعد الرجوع بخلاف ما ألقاه قبله ، كأن أذن له في رمي أحمال عينها فألقى واحدا ثم رجع الضامن ضمن ذلك الواحد دون ما زاد عليه ، ولو اختلفا في الرجوع أو في وقته صدق الملقي ; لأن الأصل عدم رجوع الملتمس ( قوله : لزوم القيمة مطلقا ) مثليا أو متقوما ، وقوله : والمعتبر فيه : أي في ضمان ما يلقى وقوله : ما يقابل به : أي في ذلك المحل الذي وقع فيه إشراف السفينة كما لو فرض أنه لو طيف به على ركاب السفينة بلغ من الثمن كذا ( قوله : ولو قال لزيد : ألق متاع عمرو ) هذه خارجة بقوله متاعك .

                                                                                                                            وعليه فلو قال وخرج بمتاعك ما لو قال ألق متاع عمرو لكان أولى

                                                                                                                            ( قوله : ضمنه الملقي ) لا القائل

                                                                                                                            ( قوله : لتسببه فيه ) أي في النقص

                                                                                                                            ( قوله : ولا بد من أن يلقي المتاع ) تقدمت الإشارة إلى هذا الشرط بقوله فألقاه

                                                                                                                            ( قوله : فلا ضمان على الملتمس ) ويضمنه الملقي

                                                                                                                            ( قوله : لزمه قسطه ) أي لأنه جعل الضمان مشتركا بينه وبين غيره بلا إذن من الغير فلزمه ما التزمه دون غيره ، وفيما قبلها جعل نفسه ضامنا للجميع فتعلق به وألغى ما نسبه لغيره ( قوله : وإن قال : أنشأت عنهم الضمان برضاهم ) [ ص: 369 ] أي برضاهم الذي علمته منهم ، بخلاف ما لو قال بإذنهم كما يأتي

                                                                                                                            ( قوله : إذا غلب ) أي القتل



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : ، وإلا ضمنه ) أي بما يأتي ولعل في العبارة سقطا [ ص: 368 ] قوله : فلو رجع عنه ) ظاهره ، وإن لم يعلم الملقي فليراجع ( قوله : والقيمة في المتقوم ) لا يظهر له معنى بعد قوله المثلي صورة كالقرض ، إذ معنى ذلك كما هو ظاهر مما مر في القرض أن ما له مثل حقيقة يؤخذ مثله ، وما ليس له مثل حقيقة وهو المتقوم يؤخذ مثله صورة ، فقوله : والقيمة في المتقوم يناقض ذلك فلعل في النسخ تحريفا ، وأصل ذلك أنهم اختلفوا فيما يضمن به المستدعي فقيل إنه يضمن بالقيمة مطلقا وهو ما ذهب إليه البلقيني كما سيأتي ، وقيل يضمن المثلي بالمثل ، ثم اختلفوا على هذا في المتقوم فقيل يضمنه بقيمته .

                                                                                                                            وقيل يضمنه بالمثل الصوري كما في القرض كما يعلم من حواشي والده على شرح الروض ، فقول الشارح المثل صورة هذا من قول .

                                                                                                                            وقوله : والقيمة في المتقوم من قول آخر فليحرر ( قوله : وظاهره أن محله ) أي محل كونه يرد جميع ما أخذه أو جميع بدله : أي فلا يلزمه في صورة النقص إلا رد ما عدا أرش النقص ( قوله : وإن أراد به الإخبار إلخ . ) عبارة الروضة : ثم هم ضامنون إما للجميع ، وإما للحصة إن أراد به الإخبار إلخ . ( قوله : وإن قال أنشأت عنهم الضمان برضاهم ) [ ص: 369 ] سقط قبل قوله برضاهم لفظ ثقة من النساخ والعبارة للروض ( قوله : لزمه الجميع ) عبارة الروض : طولب هو بالجميع بقوله ، وإذا أنكروا الإذن فهم المصدقون حتى لا يرجع عليهم انتهت




                                                                                                                            الخدمات العلمية