الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ويحل ) لمسلم لا ذمي في شوارعنا ( إخراج الميازيب ) العالية التي لا تضر المارة ( إلى شارع ) وإن لم يأذن الإمام لعموم الحاجة إليها ( والتالف بها مضمون في الجديد ) وكذا بما يقطر منها لما مر في الجناح ، وكما لو وضع ترابا في الطريق ليطين به سطحه مثلا وقد خالف العادة فإنه يضمن من يزلق به ، والقديم لا ضمان فيه لضرورة تصريف المياه ، ومنع الأول الضرورة ( فإن كان بعضه ) أي ما ذكر من الميزاب والجناح ( في الجدار فسقط الخارج ) أو بعضه فأتلف شيئا ( فكل الضمان ) على واضعه أو عاقلته لوقوع التلف بما هو مضمون عليه خاصة ، وخرج بقوله : بعضه ما لو لم يكن منه شيء فيه بأن سمره فيه فيضمن الكل ، ولو بسقوط بعضه وما لو كان كله فيه فلا ضمان بشيء منه كالجدار ( وإن سقط كله ) أو الخارج وبعض الداخل أو عكسه فأتلف شيئا بكله أو بأحد طرفيه ( فنصفه في الأصح ) ولو انكسر في الهواء نصفين وقد سقط كله ثم أصاب نظر إن أصاب بما كان في الجدار لم يضمن أو بالخارج ضمن الكل كما قاله البغوي في تعليقه ، ولو نام على طرف سطحه فانقلب إلى الطريق على مار .

                                                                                                                            قال الماوردي : إن كان سقوطه بانهيار الحائط من تحته لم يضمن وإن كان لتقلبه [ ص: 358 ] في نومه ضمن ; لأنه سقط بفعله ، ولو أتلف ماؤه شيئا ضمن نصفه إن كان بعضه في الجدار والباقي خارجه ، ولو اتصل ماؤه بالأرض ثم تلف به إنسان .

                                                                                                                            قال الغزي : فالقياس التضمين أيضا ، وقياس ذلك أن ما ليس منه خارج لا ضمان فيه لكن أطلق في الروضة الضمان بالميزاب ، ويوجه بأنه لا يلزم من التفصيل في محل الماء جريانه في نفس الماء لتميز داخله وخارجه بخلاف الماء ، ومجرد مروره بغير المضمون لا يقتضي سقوط ضمانه لا سيما مع مروره بعد على المضمون وهو الخارج ، وبهذا الأخير يفرق بينه وبين ما تطاير من حطب كسره في ملكه ، على أنه يمكن حمل إطلاق الروضة على التفصيل ، ولا يبرأ واضع ميزاب وجناح وباني جدار مائلا لغير ملكه بزوال ملكه .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : التي لا تضر المارة ) أي أما التي تضر فيمتنع على كل من المسلم والذمي

                                                                                                                            ( قوله : إلى شارع ) قال في الروض : وكذا يضمن المتولد من جناح خارج إلى درب منسد أي ليس فيه نحو مسجد ، وإلا فكشارع أو ملك غيره بلا إذن ، وإن كان عاليا ا هـ .

                                                                                                                            قال في شرحه : لتعديه بخلافه بالإذن ا هـ سم على حج

                                                                                                                            ( قوله : وإن لم يأذن ) أي ولم ينهه أخذا مما سبق في قول الشارح أو جمع ماء مطر ولم ينهه الإمام كما نقله عن أبي الفرج الزاز

                                                                                                                            ( قوله : وكذا بما يقطر منها ) مثله وأولى ما يقطر من الكيزان المعلقة أجنحة بالبيوت في هواء الشارع كما هو ظاهر ا هـ سم على حج

                                                                                                                            ( قوله : ليطين به سطحه مثلا ) أي أو ليجمعه ثم ينقله إلى المزبلة مثلا

                                                                                                                            ( قوله : ومنع الأول الضرورة ) وعليه فالضمان على الآمر لا البناء

                                                                                                                            ( قوله : فكل الضمان على واضعه ) أي إن وضعه المالك بنفسه وإلا فعلى الآمر بالوضع

                                                                                                                            ( قوله : وما لو كان كله ) أي الميزاب ، وقوله فيه أي الجدار

                                                                                                                            ( قوله : أو عكسه ) أي الداخل وبعض الخارج وقد يشكل تصوره ا هـ سم على حج ، وقد يمكن تصوره بما لو انفصل كل الداخل عن الخارج وكان الخارج ملتصقا مثلا بالجدار فانشرخ وسقط بعضه مع جميع الداخل

                                                                                                                            ( قوله : إن أصاب بما كان في الجدار إلخ ) أي فلو اختلف صاحب الجناح ومن تلف متاعه فقال صاحب الجناح تلف بالداخل ، وقال صاحب المتاع : تلف بالخارج ، فالظاهر تصديق صاحب الجناح ; لأن الأصل عدم الضمان

                                                                                                                            ( قوله : ولو نام ) أي شخص ولو طفلا

                                                                                                                            ( قوله : لم يضمن ) [ ص: 358 ] أي لعذره ، وقوله ضمن : أي بدية الخطأ ( قوله : ولو أتلف ماؤه شيئا ) أي ماء الميزاب

                                                                                                                            ( قوله : ضمن نصفه إن كان بعضه في الجدار إلخ ) قد يتوقف فيه إن كان الماء يخرج من السطح ويمر من الميزاب إلى أن يصل إلى الطريق فإن جميع الماء يمر على الخارج ، أما إن كان المراد أن الماء نزل بعضه من المطر في داخل الميزاب وبعضه في خارجه فتنصيف الضمان ظاهر ، ثم رأيت قوله الآتي : لكن أطلق في الروضة الضمان بالميزاب إلخ ، وهو صريح في التوقف المذكور

                                                                                                                            ( قوله : فالقياس التضمين أيضا ) مقتضاه أنه يضمن النصف حيث جرى الماء على الداخل والخارج وفيه ما قدمناه

                                                                                                                            ( قوله : وقياس ذلك أن ما ليس منه ) أي الميزاب الذي ليس إلخ

                                                                                                                            ( قوله : لكن أطلق في الروضة الضمان بالميزاب ) معتمد : أي فيضمن التالف بمائه سواء خرج من الميزاب عن ملكه شيء أم لا

                                                                                                                            ( قوله : وبهذا الأخير ) هو قوله لا سيما مع إلخ

                                                                                                                            ( قوله : كسره في ملكه حيث لا ضمان ) مع أن كلا تصرف في ملكه ، وقوله سلمه أي عن البيع



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            [ ص: 357 ] قول المتن فإن كان بعضه في الجدار ) أي الجدار الداخل في هواء الملك كما لا يخفى بخلاف الجدار المركب على الروشن في هواء الشارع كما هو الواقع في غالب الميازيب فإنه ينبغي ضمان التالف بهذا الميزاب مطلقا إذ هو تابع للجدار ، والجدار نفسه يضمن ما تلف به لكونه في هواء الشارع كما مر فليتنبه له ( قوله : أي ما ذكر من الميزاب والجناح ) ذكر الجناح هنا خلاف الظاهر من السياق مع أنه ينافيه قوله : السابق لكنه في الجناح على ما يأتي في الميزاب الصريح في أن كلام المصنف هنا مفروض في خصوص الميزاب ( قوله : ولو بسقوط بعضه ) حق الغاية ولو بسقوط كله لأن [ ص: 358 ] ضمان الكل بسقوط البعض هو الأصل ( قوله : ولو أتلف ماؤه ) أي الميزاب




                                                                                                                            الخدمات العلمية