الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ومن ) ( لزمته ) الدية من العاقلة أو الجاني ( وله إبل فمنها ) تؤخذ : أي من نوعها إن اتحد وإلا فالأغلب فلا يجب عينها لا من غالب إبل محله ( وقيل ) يتعين ( من غالب إبل بلده ) أو قبيلته إذا كانت إبله من غير ذلك ; لأنها بدل متلف ، لكن الذي في الروضة كأصلها تخييره بين إبله : أي إن كانت سليمة ، وغالب إبل محله فله الإخراج منه وإن خالف نوع إبله وكانت إبله أعلى من غالب إبل البلد ، وهذا هو المعتمد ويجبر المستحق على قبوله ، فإن كانت إبله معيبة تعين الغالب ، قال الزركشي وغيره : وليس كذلك بل يتعين نوع إبله سليما كما قطع به الماوردي ونص عليه في الأم ( وإلا ) بأن لم يكن له إبل ( فغالب ) بالجر إبل ( بلدة ) بلدي ( أو قبيلة بدوي ) ; لأنها بدل متلف ، وظاهر كلامهم وجوبها من الغالب ، وإن لزمت بيت المال الذي لا إبل فيه فيمن لا عاقلة له سواه ، وعليه فيلزم الإمام دفعها من غالب إبل الناس من غير اعتبار محل مخصوص ; لأن الذي لزمه ذلك هو جهة الإسلام التي لا تختص بمحل ، وبذلك علم رد بحث البلقيني في تعين القيمة حينئذ قال لتعذر الأغلب حينئذ ; إذ اعتبار بلد بعينه تحكم ، ووجه الردة عدم التعذر ولا تحكم في ذلك ولو لم يغلب في محله نوع تخير في دفع ما شاء منها ( وإلا ) بأن لم يكن في البلد أو القبيلة إبل بصفة الإجزاء ( فأقرب ) بالجر ( بلاد ) أو قبائل إلى محل المؤدي ، ويلزمه النقل إن قربت المسافة وسهل نقلها ، فإن بعدت وعظمت المؤنة في نقلها فالقيمة ، فإن استوى بلدان في القرب واختلف الغالب منهما تخير ، وضبطه الإمام بأن تزيد مؤنة إحضارها [ ص: 319 ] على قيمتها في موضع العزة ، ونقلاه في الروضة كأصلها بعد نقلهما عن إشارة بعضهم الضبط بدون مسافة القصر .

                                                                                                                            قال البلقيني : وإجراؤه على ظاهره متعذر فتعين إدخال الباء على مؤنة ليستقيم المعنى ، ولو اختلف محال العاقلة أخذ واجب كل من غالب محله وإن كان فيه تنقيص ; لأنها هكذا وجبت ، وعلم مما مر قبيل فصل الشجاج فيمن لزمه أقل الأمرين ما يعلم منه عدم تعين الإبل ، بل إن كان الأقل الأرش أو القيمة بالنقد تخير الدافع بين النقد والإبل

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : قال الزركشي وغيره ) ضعيف

                                                                                                                            ( قوله : وظاهر كلامهم ) أي حيث قالوا : ومن لزمته وله إبل فمنها إلخ ، ووجهه ما أشار إليه بقوله : لأن الذي لزمه ذلك هو جهة الإسلام إلخ

                                                                                                                            ( قوله : واختلف الغالب منهما تخير ) قال سم على منهج بعد ما ذكر : تنبيه : لا فرق فيما ذكر بين الجاني والعاقلة ، ولا يشكل بما [ ص: 319 ] يأتي في بابها حيث قال : على غني نصف دينار إلخ ; لأن المدار هناك المقدار الواجب من قيمة الإبل لا الذهب عينا كما أوضحه الرافعي هناك ا هـ

                                                                                                                            ( قوله : فتعين إدخال الباء على مؤنة ) بأن يقول بأن تزيد بمؤنتها ، وإنما كان إجراؤه على ظاهره متعذرا لاقتضائه أنه إذا لم تزد مؤنتها كلف إحضارها ، وإن زاد مجموع المؤنة وما يدفعه في ثمنها في محل الإحضار على قيمتها بموضع العزة

                                                                                                                            ( قوله : بالنقد ) متعلق بالقيمة



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : فإن كانت إبله معيبة ) هذا راجع لقول المتن ومن لزمته وله إبل فمنها خلافا لما يوهمه سياقه ، فإن كان كلام الزركشي إنما هو في المتن كما يعلم من كلام غير الشارح ، فكان على الشارح أن يقيد المتن بالسليمة كما قيد كلام الروضة ليتأتى له مقابلته بكلام الزركشي .

                                                                                                                            والحاصل أن الزركشي يقول : إنه متى كانت له إبل تعين عليه نوعها ، وإن كانت في نفسها معيبة ، ولا خفاء في ظهور وجهه لأنه حيث كان المنظور إليه النوع ، فلا فرق بين كون إبله سليمة أو معيبة ، إذ ليس الواجب من عينها حتى يفترق الحال ، وظاهر أنه ينبغي القول بنظيره فيما إذا قلنا بما في الروضة من التخيير ، فمتى كان له إبل تخير بين نوعها وبين الغالب سواء أكانت إبله سليمة أو معيبة فتأمل ( قوله : فإن بعدت وعظمت المؤنة ) لا يخفى أن هذين محترزان لقوله إن قربت المسافة وسهل النقل فالأول محترز الأول والثاني محترز الثاني ، فالمناسب عطف عظمت بأو لا بالواو فلعل الواو بمعنى أو ، أو أن الألف سقطت من الكتبة ( قوله : وضبطه الإمام إلخ . ) إن كان الضمير للقرب لأقرب مذكور ، [ ص: 319 ] فالصواب إثبات لفظ لا قبل تزيد ، وإن كان الضمير للبعد كما هو الواقع في كلام غيره فالصواب حذف لفظ دون في قوله الآتي بدون مسافة القصر كما لا يخفى ( قوله : من غالب محله ) أي إن لم يكن له إبل كما علم مما مر ( قوله : وعلم مما مر قبيل فصل الشجاج إلخ . ) غرضه بهذا تقييد المتن ، وأن محل تعين الإبل فيمن لم يلزمه أقل الأمرين ، لكن قوله بل إن كان الأقل الأرش إلخ . فيه خلل في النسخ ، وعبارة التحفة : بل إن كان الأقل القيمة فالنقد أو الأرش تخير الدافع بين النقد والإبل




                                                                                                                            الخدمات العلمية