الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( أو ) كانت الجناية بمحل ( لا تقدير فيه ) ولا تابع لمقدر كما مر ( كفخذ ) وكتف وظهر وعضد وساعد ( ف ) الشرط ( أن لا تبلغ ) الحكومة ( دية نفس ) في الأولى أو متبوعه في الثانية ، وإن بلغت في الأولى دية عضو مقدر أو زادت ، فإن بلغت ذلك نقص الحاكم منه كما مر ، وقد علم من ذلك أن قولهم المذكور لدفع توهم أنه يشترط فيها أيضا أن لا تبلغ أرش عضو مقدر قياسا على الجناية عليه مع بقائه ، وإلا فلا يتصور بلوغها دية نفس ، والمجني عليه حي له منفعة قائمة مقابلة بشيء ما ( و ) إنما ( يقوم ) المجني عليه لمعرفة الحكومة ( بعد اندماله ) أي اندمال جرحه ، إذ الجناية قبله قد تسري إلى النفس أو إلى ما فيه مقدر فيكون هو واجب الجناية ( فإن لم يبق ) بعد الاندمال ( نقص ) في الجمال ، ولا في المنفعة ولا تأثرت به القيمة ( اعتبر أقرب نقص ) فيه من حالات نقص قيمته ( إلى ) وقت ( الاندمال ) لئلا تحبط به الجناية ( وقيل يقدره قاض باجتهاده ) ويوجب شيئا حذرا من إهدار الجناية ( وقيل لا غرم ) كما لو تألم بضربة ثم زال الألم ولو لم يظهر نقص إلا حال سيلان الدم اعتبرت القيمة حينئذ ، فإن لم تؤثر الجناية نقصا حينئذ أوجب القاضي فيه شيئا باجتهاده كما هو أوجه الوجهين ورجحه البلقيني ، وإن جزم في العباب بعدم وجوب شيء سوى التعزير ، ولو لم يكن هناك نقص أصلا كلحية امرأة أزيلت وفسد منبتها وسن زائدة قدرت لحيتها بلحية عبد كبير يتزين بها ، ويقدر في السن ، وله سن زائدة نابتة فوق الأسنان ولا أصلية خلفها ، ثم يقوم مقلوعها ليظهر التفاوت ; لأن الزائدة تسد الفرجة ويحصل بها نوع جمال ، فدعوى اقتضاء كلامه عدم وجوب شيء ممنوع نظرا للجنس الذي قدمناه في جواب إشكال الرافعي ( والجرح المقدر ) أرشه ( كموضحة يتبعه الشين ) ومر بيانه في التيمم ( حواليه ) حيث كان بمحل الإيضاح فلا يفرد بحكومة ; لأنه لو استوعب جميع محله بالإيضاح لم يلزمه سوى أرش موضحة ، فإن تعدى الشين للقفا أفرد [ ص: 347 ] في أوجه الوجهين كما صححه البارزي والبلقيني وغيرهما لانتفاء علة الاستتباع ، وكذا لو أوضح جبينه فأزال حاجبه فعليه الأكثر من أرش موضحة وحكومة الشين وإزالة الحاجب ، وكالموضحة المتلاحمة نظر إلى أن أرشها مقدر بالنسبة للموضحة كذا قيل ، ولعله مبني على أنه يجب فيها بقسط هذه النسبة ، أما على الأصح المار أن الواجب فيها الأكثر فيظهر أن يقال : إن كان الأكثر النسبة فهي كالموضحة أو الحكومة فلا ، وعلى هذا التفصيل يحمل قوله ( وما لا يتقدر ) أرشه ( يفرد ) الشين حوله ( بحكومة في الأصح ) لضعف الحكومة عن الاستتباع بخلاف الدية ، والثاني المذكور في الوجيز أنه يتبع الجرح ، وقضيته إفراد الشين بحكومة غير حكومة الجرح ، بل من ضرورياته ; إذ لا يتأتى بغير ما يذكره أنه يقدر سليما بالكلية ثم جريحا بلا شين ، ويجب ما بينهما من التفاوت وهذه حكومة الجرح ثم يقدر جريحا بلا شين ثم جريحا بشين ويجب ما بينهما من التفاوت ، وهذه حكومة الشين .

                                                                                                                            وفائدة إيجاب حكومتين لذلك أنه لو عفا عن إحداهما لم تسقط الأخرى ، وأنه يجوز بلوغ مجموعها دية ; إذ الواجب نقصه عنها كل منهما على انفراده لا مجموعهما فلا إشكال في ذلك حكما ولا تصويرا

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : فلا تابع لمقدر ) أي ولا هو تابع إلخ ( قوله : وكتف وظهر ) قد يقال الظهر يتصور فيه الجائفة كالبطن ا هـ سم على حج

                                                                                                                            ( قوله : دية نفس في الأولى ) يتأمل ، فإن الفرض أن الجناية على ما لا مقدر له ، ولا هو تابع لمقدر ومع ذلك فكيف يمكن بلوغه أرش عضو له مقدر ، وفي قوله : قد علم من ذلك إلخ إشارة إلى هذا الاعتراض وإلى جوابه ، والأولى هي قوله : أو لا تقدير فيه والثانية هي قوله : ولا تابع لمقدر

                                                                                                                            ( قوله : والمجني عليه ) أي والحال

                                                                                                                            ( قوله : لئلا تحبط به ) أي بسبب عدم النقص ( قوله : ويقدر في السن ) أي تقويمه في السن إلخ ، ولو عبر بيقوم كان أوضح كما عبر به حج

                                                                                                                            ( قوله : وجوب شيء ) أي في اللحية للمرأة والسن

                                                                                                                            ( قوله : نظرا للجنس الذي قدمناه ) أي بقوله وجنس اللحية فيها جمال إلخ

                                                                                                                            ( قوله : في جواب إشكال ) يتأمل [ ص: 347 ] في هذا الجواب ا هـ سم على حج

                                                                                                                            ( قوله : فهي كالموضحة ) أي فيتبعها الشين حواليها ، وقوله أو الحكومة فلا : أي فلا يتبعها الشين حواليها



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            [ ص: 346 ] قوله : في الأولى أو متبوعه في الثانية ) انظر أي أولى أو ثانية مع أن الذي انتفى عنه التقدير والتبعية للمقدر شيء واحد ( قوله : وقد علم من ذلك ) يعني : من قوله ، وإن بلغت إلخ . وقوله : أن قولهم المذكور يعني : قول المتن وأن لا تبلغ دية نفس ( قوله : وإلا فلا يتصور إلخ . ) أي لأن حقيقة الحكومة جزء من الدية منسوب إليها كما مر ، ولا يتصور أن يكون الجزء أعظم من الكل ( قوله : فدعوى اقتضاء كلامه إلخ . ) اعلم أنه لم يقدم شيئا يتعلق بالجواب حتى يسوغ له هذا التفريع ، وإنما غاية ما قدمه كيفية التقدير ، وهذا لا ينكره المدعي المذكور بل هو محل إشكاله [ ص: 347 ] كما يعلم من التحفة ، والجواب إنما هو المذكور بعد في قوله نظرا للجنس إلخ . ( قوله : وكذا لو أوضح جبينه إلخ . ) هذا مستثنى مما في المتن وليس من جملة صوره ، وإن أوهمه سياق الشارح ( قوله : وقضيته ) يعني : ما في المتن ( قوله : نقصه ) هو فاعل الواجب وخبره قوله : كل منهما




                                                                                                                            الخدمات العلمية