الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ولو أزال أذنيه وسمعه فديتان ) لأنه ليس في جرم الأذنين بل في مقرهما من الرأس كما مر ( ولو ) ( ادعى ) المجني عليه ( زواله ) وأنكر الجاني اختبر بنحو صوت مهول مزعج متضمن للتهديد في غفلاته حتى يعلم صدقه أو كذبه فإن فعلنا ذلك ( وانزعج للصياح ) أو نحو رعد ( في نوم وغفلة فكاذب ) ظنا بمقتضى هذه القرينة ولكن يحتمل الموافقة ، ولذا يحلف الجاني أنه باق ولا يكتفى منه بأن لم يزل من جنايتي ; إذ التنازع في ذهابه وبقائه لا في ذهابه بجنايته أو جناية غيره ، والأيمان لا يكتفى فيها باللوازم ( وإلا ) بأن لم ينزعج ( حلف ) لاحتمال تجلده ، ولا بد من تعرضه في حلفه لذهاب سمعه من جناية هذا ( وأخذ دية ) وينتظر عوده إن قدر خبيران لذلك مدة يغلب على الظن بقاؤه إليها فإن عاد فيها لم تجب الدية وإلا وجبت ، وكذا البصر ونحوه كما مر ( وإن نقص ) السمع من الأذنين ( فقسطه ) أي النقص من الدية ( إن عرف ) قدره منه أو من غيره بأن عرف أو قال إنه كان يسمع من كذا [ ص: 336 ] فصار يسمع من نصفه ويحلف في قوله ذلك ; لأنه لا يعرف إلا منه ( وإلا ) بأن لم يعرف قدر النسبة ( فحكومة ) تجب فيه ( باجتهاد قاض ) لتعذر الأرش ، ولا تسمع دعوى النقص هنا ، وفي جميع ما يأتي إلا إن عين المدعي النقص ، وطريقه أن يعين المتيقن ، نعم لو ذكر قدرا دل الامتحان على أكثر منه فيظهر أنه لا يجب له إلا ما ذكره ما لم يجدد دعوى في الثاني ويطلبه ( وقيل يعتبر سمع قرنه ) بفتح فسكون وهو من سنه كسنه ; لأنه أقرب ( في صحته ويضبط التفاوت ) بين سمعيهما ويؤخذ بنسبته من الدية ، ورد بأن الانضباط في ذلك بعيد فلم يعول عليه ( وإن ) ( نقص ) السمع ( من أذن سدت وضبط منتهى سماع الأخرى ثم عكس ) ( ووجب قسط التفاوت ) من الدية فإن كان بين مسافتي السامعة والأخرى النصف فله ربع الدية ; لأنه أذهب ربع سمعه فإن لم ينضبط فحكومة كما علم مما مر

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : اختبر بنحو صوت ) قال في شرح الروض : ولا بد في امتحانه من تكرره مرة بعد أخرى إلى أن يغلب على الظن صدقه أو كذبه ا هـ .

                                                                                                                            وقد يفيد ذلك قول الشارح حتى يعلم إلخ بجعل حتى بمعنى إلى دون التعليل ا هـ سم على حج

                                                                                                                            ( قوله : بأنه لم يزل من جنايتي ) قد يقال : التنازع في مطلق الزوال فذلك بحسب الصورة واللفظ ، وإلا فالمقام يقتضي أنه إنما زال سمعه بجنايته حتى كأن المدعي يقول : زال سمع المجني عليه بجنايتك ، والجاني يريد بحلفه دفع ذلك عنه فكان ينبغي الاكتفاء منه بأن سمعه لم يزل بجنايته

                                                                                                                            ( قوله : وإلا وجبت ) أي وإن لم يقدر خبيران بأن قالا لا يعود أو ترددا في العود وعدمه أو قالا يحتمل عوده من غير تقدير مدة ، لكن يبقى الكلام [ ص: 336 ] في محل الخبيرين ما هو حتى لو فقدا من محل الجناية ووجدا في غيره هل يجب قصدهما أولا أو يفرق بين بعد المسافة وقربه ؟ فيه نظر ، والأقرب أنهما إن كانا بمسافة القصر وجب على مريد إسقاط الأرش قصدهما ، وإلا فلا ، أو يقال : لا يتقيد ذلك بمسافة ; لأنه بزواله وجب الأرش على الجاني ، فإن أحضرهما سقط الطلب عنه وإلا طولب لاشتغال ذمته بالأرش ظاهرا حتى يوجد ما يسقطه ، ولعل هذا أوجه



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : أو نحو رعد ) في جعل هذا من المعطوف على فعلنا ذلك ما لا يخفى لأنه ينحل المعنى إلى أنه إذا اختبر بنحو الصوت فانزعج بنحو رعد يكون كاذبا وهو غير مراد كما لا يخفى ( قوله : بأن عرف ) لعل المراد بأن كان عارفا أي خبيرا بمراتب النقص




                                                                                                                            الخدمات العلمية