الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر ملك شهاب الدين غازي مدينة أرزن .

كان حسام الدين صاحب مدينة أرزن من ديار بكر لم يزل مصاحبا للملك الأشرف ، مشاهدا جميع حروبه وحوادثه ، وينفق أمواله من طاعته ، ويبذل نفسه وعساكره في مساعدته ، فهو يعادي أعداءه ، ويوالي أولياءه .

ومن جملة موافقته أنه كان في خلاط لما حصرها جلال الدين ، فأسره جلال الدين ، وأراد أن يأخذ منه مدينة أرزن ، فقيل له : إن هذا من بيت قديم عريق في الملك ، وإنه ورث أرزن هذه من أسلافه ، وكان لهم سواها من البلاد ، فخرج الجميع من أيديهم ، فعطف عليه ورق له ، وأبقى عليه مدينته ، وأخذ عليه العهود والمواثيق أنه لا يقاتله .

فلما جاء الملك الأشرف وعلاء الدين محاربين لجلال الدين ، لم يحضر معهم في الحرب ، فلما انهزم جلال الدين ، سار شهاب الدين غازي ابن الملك العادل ، وهو أخو الأشرف ، وله مدينة ميافارقين ، ومدينة حاني ، وهو بمدينة أرزن ، فحصره بها ، ثم ملكها صلحا ، وعوضه عنها بمدينة حاني من ديار بكر .

وحسام الدين هذا نعم الرجل ، حسن السيرة ، كريم ، جواد ، لا يخلو بابه من جماعة يردون إليه يستمنحونه ، وسيرته جميلة في ولايته ورعيته ، وهو من بيت قديم يقال له بيت طغان أرسلان ، كان له مع أرزن بدليس ووسطان وغيرهما ، ويقال لهم بيت الأحدب ، وهذه البلاد معهم من أيام ملكشاه بن ألب أرسلان السلجوقي ، فأخذ [ ص: 443 ] بكتمر صاحب خلاط منهم بدليس ، أخذها من عم حسام الدين هذا ; لأنه كان موافقا لصلاح الدين يوسف بن أيوب ، فقصده بكتمر لذلك ، وبقيت أرزن بيد هذا إلى الآن ، فأخذت منه ، ولكل أول آخر ، فسبحان من لا أول له ولا آخر لبقائه .

التالي السابق


الخدمات العلمية