الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      دية اللسان قلت : أرأيت اللسان ما منع منه الكلام ، أفيه الدية كاملة في قول مالك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : نعم . قال : فإن قطع اللسان من أصله فإنما فيه دية واحدة في قول مالك ؟ قال : نعم .

                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت ما قطع من اللسان مما لا يمنع الكلام ؟

                                                                                                                                                                                      قال : إنما الدية في الكلام ليس في اللسان ، بمنزلة الأذنين إنما الدية في السمع وليس في الأذنين ، فكذلك اللسان إنما تكون الدية فيه إذا قطع منه ما يمنع الكلام .

                                                                                                                                                                                      قلت : فإن قطع من لسانه ما نقص من حروفه ؟

                                                                                                                                                                                      قال : ينظر فيه فيكون عليه من الدية بقدر ذلك ، ولا أقوم على حفظ الحروف عن مالك .

                                                                                                                                                                                      قلت : فما ترى في الباء والتاء والثاء والراء والزاي ، أكل هذا سواء ، وينظر إلى تمام الحروف العربية فيحصيها ، فما نقص من لسان هذا الرجل إذا كان لسانه يتكلم بالحروف كلها جعلت على الجاني بقدر ذلك ، فإن بلغ الثلث حملته العاقلة إذا كان خطأ ، وإن كان أقل من الثلث جعلته في ماله ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لا أدري ما هذا ، ولكن إنما ينظر إلى ما نقص من كلامه ، لأن الحروف بعضها أثقل من بعض فيكون عليه ما نقص .

                                                                                                                                                                                      قلت : فهل يقول مالك في عمد اللسان القود ؟

                                                                                                                                                                                      قال : قال مالك : إذا كان يستطاع القود منه ولم يكن متلفا ، مثل الفخذ والمنقلة وما أشبه ذلك ، أقيد منه . وإن كان متلفا مثل الفخذ والمنقلة لم يقد منه .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية