[ ص: 169 ] كتاب الغصب قلت لابن القاسم : أرأيت لو أني كسرت صحفة لرجل كسرا فاسدا صيرتها فلقتين ، أو كسرتهما كسرا غير فاسد ، أو كسرت له عصا كسرا فاسدا أو غير فاسد ، أو شققت له ثوبا فأفسدت الثوب ، شققته بنصفين أو شققته شقا قليلا ؟
قال : قال في مالك ، قال رجل أفسد لرجل ثوبا : إن كان الفساد يسيرا رأيت أن يرفوه ثم يغرم ما نقصه بعد الرفو ، وإن كان الفساد كثيرا فإنه يأخذ الثوب ويغرم قيمته يوم أفسده لرب الثوب . وكذلك المتاع مثل ما قال مالك في الثوب ، فكل الذي سألت عنه هو عندي على مثل هذا المحمل . مالك
قلت : فإن قال رب الثوب : لا أسلم الثوب وقد أفسده فسادا فاحشا ، فقال لا أسلمه ولكني أتبعه بما أفسده من ثوبي ؟
قال : هو مخير في ذلك ، إن أحب أن يسلمه ويأخذ قيمته فعل ، وإن شاء احتبسه وأخذ ما نقصه . وإنما فرق ما بينه إذا أفسده فسادا كثيرا وإذا أفسده فسادا يسيرا ، أن اليسير لا مضرة فيه على صاحبه . فلذلك لم يكن له خيار ولم يلزم من فعل ذلك به ، وإنه حين أفسده فسادا كثيرا ، فصاحبه يحتج يقول أبطل علي ثوبي فلذلك يخير .
قال : ولقد كان - دهره - يقول لنا في الفساد يغرم ما نقصه ولا يقول يسيرا ولا كثيرا ، ثم وقف بعد ذلك فقال هذا القول في الفساد الكثير . وهو أيضا لا مضرة فيه على الذي أفسده ; لأنه إنما يطرح عنه بقدر الذي بقي في يدي صاحب الثوب ، وهو قيمته التي كان يغرم . وليس هذا بيعا من البيوع يخير فيه ، إنما هذه جنايات ، فالمجني عليه هو الذي يخير كما وصفت لك . مالك