ذكر خوارزم شاه غزنة وأعمالها ملك
في هذه السنة في شعبان ، ملك خوارزم شاه محمد بن تكش مدينة غزنة وأعمالها .
وسبب ذلك أن خوارزم شاه لما استولى على عامة خراسان ، وملك باميان وغيرها ، أرسل إلى تاج الدين ، صاحب غزنة ، وقد تقدمت أخباره حتى ملكها ، يطلب منه أن يخطب له ، ويضرب السكة باسمه ، ويرسل إليه فيلا واحدا ليصالحه ، ويقر بيده غزنة ، ولا يعارضه فيها ، فأحضر الأمراء وأعيان دولته واستشارهم .
وكان فيهم أكبر أمير اسمه قتلغ تكين ، وهو من مماليك شهاب الدين الغوري [ ص: 293 ] أيضا ، وإليه الحكم في دولة ألدز ، وهو النائب عنه بغزنة ، فقال : أرى أن تخطب له ، وتعطيه ما طلب ، وتستريح من الحرب والقتال ، وليس لنا بهذا السلطان قوة .
فقال الجماعة مثل قوله ، فأجاب إلى ما طلب منه وخطب لخوارزم شاه ، وضرب السكة باسمه ، وأرسل إليه فيلا ، وأعاد رسوله إليه ، ومضى إلى الصيد .
فأرسل قتلغ تكين والي غزنة ، إلى خوارزم شاه يطلبه ليسلم إليه غزنة ، فسار مجدا ، وسبق خبره ، فسلم إليه قتلغ تكين غزنة وقلعتها ، فلما دخل إليها قتل من بها من عسكر الغورية لا سيما الأتراك ، فوصل الخبر إلى ألدز بذلك ، فقال : ما فعل قتلغ تكين ، وكيف ملك القلعة مع وجوده فيها ؟ فقيل : هو الذي أحضره وسلم إليه ، فمضى هاربا هو ومن معه إلى لهاوور ، وأقام خوارزم شاه بغزنة ، فلما تمكن منها أحضر قتلغ تكين فقال له : كيف حالك مع ألدز ؟ وكان عالما به ، وإنما أراد أن تكون له الحجة عليه . فقال : كلانا مماليك شهاب الدين ، ولم يكن ألدز يقيم بغزنة إلا أربعة أشهر الصيف ، وأنا الحاكم فيها ، والمرجع إلي في كل الأمور .
فقال له خوارزم شاه : إذا كنت لا ترعى لرفيقك ومن أحسن إليك صحبته وإحسانه ، فكيف يكون حالي أنا معك ، وما الذي تصنع مع ولدي إذا تركته عندك ؟ فقبض عليه ، وأخذ منه أموالا جمة ; حملها ثلاثون دابة من أصناف الأموال والأمتعة ، وأحضر أربعمائة مملوك ، فلما أخذ ماله قتله وترك ولده جلال الدين بغزنة مع جماعة من عسكره وأمرائه .
وقيل إن ملك خوارزم شاه غزنة كان سنة ثلاث عشرة وستمائة .