ذكر مراغة وصاحب إربل أذربيجان قصد صاحب
في هذه السنة اتفق صاحب مراغة - وهو علاء الدين - هو ومظفر الدين كوكبري - صاحب إربل - على قصد أذربيجان وأخذها من صاحبها أبي بكر بن البهلوان ، لاشتغاله بالشرب ليلا ونهارا ، وتركه النظر في أحوال المملكة ، وحفظ العساكر والرعايا ، فسار صاحب إربل إلى مراغة ، واجتمع هو وصاحبها علاء الدين ، وتقدما نحو تبريز ، فلما علم صاحبها أبو بكر الدين ، أرسل إلى إيدغمش - صاحب بلاد الجبل ، همذان وأصفهان والري وما بينها من البلاد - وهو مملوك أبيه البهلوان ، وهو في طاعة أبي بكر ، إلا أنه قد غلب على البلاد ، فلا يلتفت إلى أبي بكر ، فأرسل إليه أبو بكر يستنجده ، ويعرفه الحال ، وكان حينئذ ببلد الإسماعيلية ، فلما [ ص: 234 ] أتاه الخبر سار إليه في العساكر الكثيرة .
فلما حضر عنده أرسل إلى صاحب إربل يقول له : إننا كنا نسمع عنك أنك تحب أهل العلم والخير وتحسن إليهم ، فكنا نعتقد فيك الخير والدين ، فلما كان الآن ظهر لنا منك ضد ذلك لقصدك بلاد الإسلام ، وقتال المسلمين ، ونهب أموالهم ، وإثارة الفتنة ، فإذا كنت كذلك فما لك عقل ؛ تجيء إلينا ، وأنت صاحب قرية ، ونحن لنا من باب خراسان إلى خلاط وإلى إربل ، واحسب أنك هزمت هذا ، أما تعلم أن له مماليك ، أنا أحدهم ؟ ! ولو أخذ من كل قرية شحنة ، أو من كل مدينة عشرة رجال ، لاجتمع له أضعاف عسكرك ، فالمصلحة أنك ترجع إلى بلدك ، وإنما أقول لك هذا إبقاء عليك .
ثم سار نحوه عقيب هذه الرسالة ، فلما سمعها مظفر الدين وبلغه مسير إيدغمش عزم على العود ، فاجتهد به صاحب مراغة ليقيم بمكانه ، ويسلم عسكره إليه ، وقال له : إنني قد كاتبني جميع أمرائه ليكونوا معي إذا قصدتهم ، فلم يقبل مظفر الدين من قوله ، وعاد إلى بلده ، وسلك الطريق الشاقة ، والمضايق الصعبة . والعقاب الشاهقة ، خوفا من الطلب .
ثم إن أبا بكر وإيدغمش قصدا مراغة وحصراها ، فصالحهما صاحبها على تسليم قلعة من حصونه إلى أبي بكر ، هي كانت سبب الاختلاف ، وأقطعه أبو بكر مدينتي أستوا وأرمية وعاد عنه .