[ ص: 467 ] ذكر عز الدين وشاه أرمن اجتماع
في هذه السنة ، في ذي الحجة ، اجتمع أتابك عز الدين ، صاحب الموصل ، وشاه أرمن صاحب خلاط ، على قتال صلاح الدين .
وسبب ذلك أن رسل عز الدين ترددت إلى شاه أرمن يستنجده ويستنصره على صلاح الدين ، فأرسل شاه أرمن إلى صلاح الدين عدة رسل في الشفاعة إليه بالكف عن الموصل وما يتعلق بعز الدين ، فلم يجبه إلى ذلك ، وغالطه ، فأرسل إليه أخيرا مملوكه الذي ملك سيف الدين بكتمر خلاط بعد شاه أرمن ، فأتاه وهو يحاصر سنجار يطلب إليه أن يتركها ويرحل عنها ، وقال له : إن رحل عنها وإلا فتهدده بقصده ومحاربته ، فأبلغه بكتمر الشفاعة ، فسوفه في الجواب رجاء أن يفتحها ، فلما رأى بكتمر ذلك أبلغه الرسالة الثانية بالتهديد ، وفارقه غضبان ، ولم يقبل منه خلعة ولا صلة ، وأخبر صاحبه الخبر ، وخوفه عاقبة الإهمال والتواني عن صلاح الدين ، فسار شاه أرمن من خلاط ، وكان مخيما بظاهرها ، وسار إلى ماردين ، وصاحبها حينئذ قطب الدين بن نجم الدين ألبي ، وهو ابن أخت شاه أرمن ، وابن خال عز الدين وحموه ، لأن عز الدين كان قد زوج ابنته قطب الدين ، وحضر مع شاه أرمن دولة شاه صاحب بدليس وأرزن ، وسار أتابك عز الدين من الموصل في عسكره جريدة من الأثقال .
وكان صلاح الدين قد ملك سنجار ، وسار عنها إلى حران ، وفرق عساكره ، فلما سمع باجتماعهم سير إلى تقي الدين ابن أخيه ، وهو بحماة ، يستدعيه ، فوصل إليه مسرعا ، وأشار عليه بالرحيل وحذره منه آخرون ، وكان هوى صلاح الدين في الرحيل ، فرحل إلى رأس عين ، فلما سمعوا برحيله تفرقوا ، فعاد شاه أرمن إلى خلاط ، واعتذر بأنني أجمع العساكر وأعود ، ورجع عز الدين إلى الموصل ، وأقام قطب الدين بماردين ، وسار صلاح الدين فنزل بحرزم تحت ماردين عدة أيام .