في هذه السنة جمع ، صاحب نور الدين محمود بن زنكي بن آقنسقر الشام ، العساكر بحلب ، وسار إلى قلعة حارم ، وهي للفرنج غربي حلب ، فحصرها وجد في قتالها ، فامتنعت عليه بحصانتها ، وكثرة من بها من فرسان الفرنج ورجالتهم وشجعانهم ، فلما علم الفرنج ذلك جمعوا فارسهم وراجلهم من سائر البلاد ، وحشدوا ، واستعدوا ، وساروا نحوه ; ليرحلوه عنها ، فلما قاربوه طلب منهم المصاف ، فلم يجيبوه إليه ، وراسلوه ، وتلطفوا الحال معه ، فلما رأى أنه لا يمكنه أخذ الحصن ، ولا يجيبونه إلى المصاف ، عاد إلى بلاده .
وممن كان معه في هذه الغزوة مؤيد الدولة أسامة بن مرشد بن منقد الكناني ، وكان من الشجاعة في الغاية ، فلما عاد إلى حلب دخل إلى مسجد شيزر ، وكان قد دخله في العام الماضي سائرا إلى الحج ، فلما دخله الآن كتب على حائطه :
لك الحمد يا مولاي كم لك منة ، علي وفضلا لا يحيط به شكري [ ص: 294 ] نزلت بهذا المسجد العام قافلا
من الغزو موفور النصيب من الأجر ومنه رحلت العيس في عامي الذي
مضى نحو بيت الله والركن والحجر فأديت مفروضي وأسقطت ثقل ما
تحملت من وزر الشبيبة عن ظهري