الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (56) قوله : أريناه آياتنا : هي من "رأى" البصرية فلما دخلت همزة النقل تعدت بها إلى اثنين أولهما الهاء، والثاني "آياتنا"، والمعنى: أبصرناه. والإضافة هنا قائمة مقام التعريف العهدي أي: الآيات المعروفة كالعصا واليد ونحوهما، وإلا فلم ير الله تعالى فرعون جميع آياته. وجوز الزمخشري أن يراد بها الآيات على العموم بمعنى: أن موسى عليه السلام أراه الآيات التي بعث بها وعدد عليه الآيات التي جاءت بها الرسل قبله عليهم السلام، وهو نبي صادق، لا فرق بين ما يخبر عنه وبين ما يشاهد به".

                                                                                                                                                                                                                                      قال الشيخ: "وفيه بعد; لأن الإخبار بالشيء لا يسمى رؤية له إلا بمجاز بعيد. وقيل: بل الرؤية هنا رؤية قلبية، فالمعنى: أعلمناه" وأيد ذلك: بأنه لم يكن أراه إلا اليد والعصا فقط. ومن جوز استعمال اللفظ في حقيقته ومجازه أو إعمال المشترك في معنييه يجيز أن يراد المعنيان جميعا. وتأكيده [ ص: 54 ] للآيات بـ "كلها" يدل على إرادة العموم لأنهم قالوا: فائدة التوكيد بـ "كل" وأخواتها رفع توهم وضع الأخص موضع الأعم، فلا يدعى أنه أراد بالآيات آيات مخصوصة، وهذا يتمشى على أن الرؤية قلبية، ويراد بالآيات ما يدل على وحدانية الله وصدق المبلغ. ولم يذكر مفعول التكذيب والإباء تعظيما له، وهو معلوم.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية