الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وإن قذف ) الزوج ( بولد ) حي ( نفى ) الحاكم ( نسبه ) عن أبيه ( وألحقه بأمه ) بشرط صحة النكاح ، وكون العلوق في حال يجري فيه اللعان حتى لو علق وهي أمة ، أو كتابية فعتقت ، أو أسلمت لا ينفى لعدم التلاعن ، وأما شروط النفي فستة مبسوطة مذكورة في البدائع وسيجيء ( وإن أكذب نفسه ) .

[ ص: 490 ] ولو دلالة بأن مات الولد المنفي عن مال فادعى نسبه ( حد ) للقذف ( وله ) بعدما كذب نفسه ( أن ينكحها ) حد ، أو لا ( وكذا إذا قذف غيرها فحد ، أو ) صدقته ، أو ( زنت ) وإن لم تحد لزوال العفة . والحاصل أن له تزوجها إذا خرجا ، أو أحدهما عن أهلية اللعان . .

التالي السابق


( قوله : حي ) فلو نفاه بعد موته لاعن ولم يقطع نسبه ، وكذا لو جاءت بولدين أحدهما ميت فنفاهما ، أو مات أحدهما قبل اللعان كما سيأتي ( قوله : نفى نسبه ) أي لا بد أن يقول : قطعت نسب هذا الولد عنه بعدما قال فرقت بينكما كما روي عن أبي يوسف . وفي المبسوط : هذا هو الصحيح لأنه ليس من ضرورة التفريق نفي النسب كما بعد الموت يفرق بينهما ولا ينتفي النسب بحر عن النهاية ( قوله : وألحقه بأمه ) هذا غير لازم في النفي ، وإنما خرج مخرج التأكيد نهر عن النهاية ( قوله : بشرط صحة النكاح ) هذا الشرط والذي بعده زادهما في البحر على شروط النفي الستة المذكورة في البدائع ، وإنما لم يعدهما الشارح مع الستة إشارة إلى أنهما ليسا شرطين للنفي أصالة ، وإنما هما شرطان للعان كما أفاده في النهر فهما من شروط النفي بواسطة لكن الثاني يغني عن الأول تأمل ( قوله : لعدم التلاعن ) لأنه نفى نسبه مستندا إلى وقت العلوق وليست وقته من أهل اللعان ، ولا ينتفي النسب بدون لعان ( قوله : فستة ) الأول التفريق . الثاني أن يكون عند الولادة ، أو بعدها بيوم ، أو يومين .

الثالث أن لا يتقدم منه إقرار به - ولو دلالة - كسكوته عند التهنئة مع عدم رده .

الرابع حياة الولد وقت التفريق .

الخامس أن لا تلد بعد التفريق ولدا آخر من بطن واحد .

السادس أن لا يكون محكوما بثبوته شرعا كأن ولدت ولدا فانقلب على رضيع فمات الرضيع وقضي بديته على عاقلة الأب ثم نفى الأب نسبه يلاعن القاضي بينهما ولا يقطع نسب الولد لأن القضاء بالدية على عاقلة الأب قضاء بكون الولد منه ، ولا ينقطع النسب بعده ، وتمامه في البحر ( قوله : وسيجيء ) أي عند قوله : نفي الولد الحي إلخ لكن المذكور هناك أكثر الشروط لا كلها ( قوله : وإن أكذب نفسه حد ) أي إذا أكذبها بعد اللعان ، فلو قبله ينظر ، فإن لم يطلقها قبل الإكذاب فكذلك وإن أبانها ثم أكذب فلا حد ولا لعان زيلعي أي لأن اللعان لم يستقر بعد البينونة [ ص: 490 ] فلم يحول إلى الحد كما قدمناه عن الكافي . قال في الشرنبلالية : وقوله : وإن أكذب نفسه ليس تكرارا مع قوله : حبس حتى يلاعن ، أو يكذب نفسه فيحد لأن ذاك فيما قبل اللعان وهذا فيما بعده ( قوله : ولو دلالة ) أي سواء كان الإكذاب باعترافه ، أو ببينة أو دلالة نهر ( قوله : فادعى نسبه ) أي فإنه لا يصدق على النسب ولا الميراث ويضرب الحد ، فإن كان الولد ترك ولدا ذكرا ، أو أنثى يثبت نسبه من المدعي ، وورث الأب منه كافي الحاكم ( قوله : للقذف ) أي لقذف الثاني الذي تضمنته كلمات اللعان كشهود الزنا إذا رجعوا فإنهم يحدون لا للقذف الأول لأنه أخذ بموجبه وهو اللعان كما أفاده في البحر ، وأفاد الرحمتي أنه لما أكذب نفسه تبين أن اللعان لم يقع موقعه من قيامه مقام حد القذف فرجعنا إلى الأصل من لزوم الحد بالقذف الأول فافهم ( قوله : حد أو لا ) أشار إلى ما في البحر من أن تقييد الزيلعي بالحد اتفاقي ( قوله : أو زنت وإن لم تحد ) أراد الزنا الوطء الحرام وإن لم يكن زنا شرعا كما ذكره الإسبيجابي بحر . ثم إن عبارة الهداية والكنز : أو زنت فحدت .

قال في الفتح : قيل لا يستقيم لأنها إذا حدت كان حدها الرجم فلا يتصور حلها للزوج بل بمجرد أن تزني تخرج عن الأهلية ، ومنهم من ضبطه بتشديد النون بمعنى نسبت غيرها للزنا وهو معنى القذف ، فيستقيم حينئذ توقف حلها للأول على حدها لأنه حد القذف . وتوجيه تخفيفها أن يكون القذف واللعان قبل الدخول بها ثم زنت فحدت فإن حدها حينئذ الجلد لا الرجم لأنها ليست بمحصنة . ا هـ . وذكر القهستاني أنه يتصور الزنا في المدخولة كما أشار إليه في المضمرات بأن ترتد وتلحق بدار الحرب ثم تسبى وتقع في ملك رجل فيزني رجل بها . ا هـ . وفيه أن الأهلية زالت بالردة لا بالزنا . وذكر في البحر أن الرواية بالتخفيف ، فلذا لم يذكر المصنف الحد ، وأشار الشارح بقوله وإن لم تحد إلى أن التقييد بالحد غير معتبر المفهوم على رواية التخفيف ، بخلافه على التشديد كما صرح به في النهر ( قوله : لزوال العفة ) علة لحل النكاح فيما إذا صدقته ، أو زنت ، أما إذا أكذب نفسه ولم يحد أو حد بعد القذف فلظهور أن اللعان لم يقع موقعه كما قدمناه تأمل ( قوله : عن أهلية اللعان ) لأنهما لم يبقيا متلاعنين لا حقيقة لأن الحقيقة التلاعن حين وقوعه ، ولا حكما لزوال الأهلية التي كان التلاعن باقيا بها حكما بعد وقوعه ، فلا ينافي الحديث كما تقدم .




الخدمات العلمية