الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( و ) أنت طالق ( بمكة أو في مكة أو في [ ص: 262 ] الدار أو الظل أو الشمس أو ثوب كذا تنجيز ) يقع للحال ( كقوله أنت طالق مريضة أو مصلية ) أو أنت مريضة أو أنت تصلين ( ويصدق ) في الكل ( ديانة ) لا قضاء ( ولو قال عنيت إذا ) دخلت أو إذا ( لبست أو إذا مرضت ) ونحو ذلك ; فيتعلق به كقوله : إلى سنة أو إلى رأس الشهر أو الشتاء . ( وإذا دخلت مكة تعليق ) وكذا في دخولك الدار أو في لبسك ثوب كذا أو في صلاتك ونحو ذلك لأن الظرف يشبه الشرط ، ولو قال لدخولك أو لحيضك تنجيز ; ولو بالباء تعلق ، وفي حيضك وهي حائض فحتى [ ص: 263 ] تحيض أخرى ، وفي حيضتك فحتى تحيض وتطهر ، وفي ثلاثة أيام تنجيز ، وفي مجيء ثلاثة أيام تعليق بمجيء الثالث سوى يوم حلفه لأن الشروط تعتبر في المستقبل ، ويوم القيامة لغو ، وقبله تنجيز .

التالي السابق


( قوله أو ثوب كذا ) أي وعليها ثوب غيره نهر ( قوله يقع للحال ) تفسير لقوله تنجيز ، وذلك لأن الطلاق الذي هو رفع القيد الشرعي معدوم في الحال ، وقد جعل الشارع لمن أراده أن يعلق وجوده بوجود أمر معدوم يوجد الطلاق عند وجوده والأفعال والزمان هما الصالحان لذلك لأن كلا منهما معدوم في الحال ثم يوجد ، بخلاف المكان الذي هو عين ثابتة فإنه لا يتصور الإناطة به ، وتمامه في الفتح ( قوله لا قضاء ) لما فيه من التخفيف على نفسه بحر ( قوله فيتعلق ) عطف على قوله ويصدق ، وقوله به : أي بالشرط المذكور في الصور ط ( قوله كقوله إلى سنة إلخ ) في التتارخانية عن المحيط : ولو قال : أنت طالق إلى الليل أو إلى شهر أو إلى سنة أو إلى الصيف أو إلى الشتاء أو إلى الربيع أو إلى الخريف فهو على ثلاثة أوجه : إما أن ينوي الوقوع بعد الوقت المضاف إليه فيقع الطلاق بعد مضيه ، أو ينوي الوقوع ويجعل الوقت للامتداد فيقع للحال ، أو لا تكون له نية أصلا فيقع بعد الوقت عندنا ، وللحال عند زفر قاسه على ما إذا جعل الغاية مكانا كإلى مكة أو إلى بغداد فإنه تبطل الغاية ويقع للحال . ا هـ . ( قوله تعليق ) لوجود حقيقته بحر ( قوله وكذا إلخ ) أي فيتعلق بالفعل فلا تطلق حتى تفعل بحر ( قوله أو في صلاتك ) ولا تطلق حتى تركع وتسجد ، وقيل حتى ترفع رأسها من السجدة ، وقيل : حتى توجد القعدة تتارخانية ( قوله ونحو ذلك ) كقوله في مرضك أو وجعك فإنه لا فرق بين الفعل الاختياري وغيره كما في البحر ط ( قوله لأن الظرف يشبه الشرط ) من حيث إن المظروف لا يوجد بدون الظرف كالمشروط لا يوجد بدون الشرط ، فيحمل عليه عند تعذره معناه أعني الظرف نهر ( قوله تنجيز ) الأولى تنجز على أنه فعل ماض جواب لو كما قال بعده تعلق بصيغة الفعل ، وإنما تنجز لأنه أوقع الطلاق للحال ، وعلله بما ذكر فيقع سواء وجد الدخول أو الحيض أو لا رحمتي . قلت : وينبغي أن يتعلق لو نوى باللام التوقيت كما في { أقم الصلاة لدلوك الشمس } ( قوله ولو بالباء تعلق ) لأنها للإلصاق ، وقد أوقع عليها طلاقا ملصقا بما ذكر فلا يقع إلا به رحمتي ( قوله وفي حيضك إلخ ) قال في البدائع : وإذا قال أنت طالق في حيضك أو مع حيضك فحيثما رأت الدم تطلق بشرط أن يستمر ثلاثة أيام لأن كلمة في للظرف والحيض لا يصلح ظرفا فيجعل شرطا وكلمة مع للمقارنة ، فإذا استمر ثلاثا تبين أنه كان حيضا من حين وجوده فيقع من ذلك الوقت ، ولو قال : في حيضتك فما لم تحض وتطهر لا تطلق لأن الحيضة اسم للكامل وذلك باتصال الطهر بها ، ولو كانت حائضا في هذه الفصول كلها لا يقع ما لم تطهر وتحيض أخرى لأنه جعل الحيض شرطا للوقوع والشرط ما يكون معدوما على خطر الوجود وهو الحيض المستقبل لا الموجود في الحال ا هـ . قلت : وينبغي الوقوع لو نوى في مدة حيضك الموجود تأمل . وفي الجوهرة : ولو قال لها وهي حائض إذا حضت فهو على حيض مستقبل فإن عنى ما يحدث من هذا الحيض فكما نوى لأنه يحدث حالا فحالا ، بخلاف قوله للحبلى إذا حبلت ونوى هذا الحبل لا يحنث لأنه ليس أجزاء متعددة . ا هـ . [ ص: 263 ] وفي الخانية : قال لحائض : إذا حضت فأنت طالق فهو على حيض مستقبل ، ولو قال لها : إذا حضت غدا فهو على دوام ذلك الحيض إلى فجر الغد لأنه لا يتصور حدوث حيضة في الغد فيحتمل الدوام ، وكذا إذا مرضت وهي مريضة بخلاف قوله للصحيحة إذا صححت فيقع كما سكت لأن الصحة أمر يمتد فلدوامه حكم الابتداء ; كقوله للقائم إذا قمت ، وللقاعد إذا قعدت ، وللمملوك إذا ملكتك ، والحيض والمرض وإن كان يمتد إلا أن الشرع لما علق بالجملة أحكاما لا تتعلق بكل جزء منه فقد جعل الكل شيئا واحدا . ا هـ . ( قوله وفي ثلاثة أيام تنجيز ) لأن الوقت يصلح ظرفا لكونها طالقا ، ومتى طلقت في وقت طلقت في سائر الأوقات بحر ( قوله بمجيء الثالث ) لأن المجيء فعل فلم يصح ظرفا فصار شرطا بحر ( قوله لأن الشروط تعتبر في المستقبل ) علة لقوله سوى يوم حلفه ، فإن مجيء اليوم عبارة عن مجيء أول جزئه ، يقال جاء يوم الجمعة كما طلع الفجر واليوم الأول قد مضى أول جزئه ، أفاده في البحر . ومفاده أن هذا فيما لو حلف نهارا . وفي التتارخانية : ولو قال في الليل أنت طالق في مجيء ثلاثة أيام طلقت كما طلع الفجر من اليوم الثالث ، ولو قال في مضي ثلاثة أيام إن قال ذلك ليلا طلقت بغروب شمس الثالث ، هكذا في بعض نسخ الجامع ، وفي بعضها لا تطلق حتى تجيء ساعة حلفه من الليلة الرابعة ، وهكذا ذكره القدوري . ا هـ . ( قوله لغو ) لأن التكاليف رفعت فيه ، وإنما لم يتنجز لأنه جعل الوقوع في زمان معين والزمان يصلح للإيقاع إلا أنه منع مانع من إيقاعه فيه ط ( قوله وقبله تنجيز ) لأن القبلية ظرف متسع فيصدق بحين التكلم ط .




الخدمات العلمية