الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر خروج سهم بن غالب

وفي هذه السنة خرج سهم بن غالب الهجيمي على ابن عامر في سبعين رجلا ، منهم الخطيم الباهلي ، وهو يزيد بن مالك ، وإنما قيل له الخطيم لضربة ضربها على وجهه ، فنزلوا بين الجسرين والبصرة ، فمر بهم عبادة بن فرص الليثي من الغزو ومعه ابنه وابن أخيه ، فقال لهم الخوارج : من أنتم ؟ قالوا : قوم مسلمون . قالوا : كذبتم . قال عبادة : سبحان الله ! اقبلوا منا ما قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، مني ، فإني كذبته وقاتلته ثم أتيته فأسلمت فقبل ذلك مني . قالوا : أنت كافر ، وقتلوه وقتلوا ابنه وابن أخيه . فخرج إليهم ابن عامر بنفسه وقاتلهم فقتل منهم عدة وانحاز بقيتهم إلى أجمة وفيهم سهم والخطيم ، فعرض عليهم ابن عامر الأمان فقبلوه ، فآمنهم ، فرجعوا ، فكتب إليه معاوية يأمر بقتلهم ، فكتب إليه ابن عامر : إني قد جعلت لهم ذمتك .

فلما أتى زياد البصرة سنة خمس وأربعين هرب سهم والخطيم فخرجا إلى الأهواز ، فاجتمع إلى سهم جماعة فأقبل بهم إلى البصرة ، ( فأخذ قوما ) ، فقالوا : نحن يهود ، فخلاهم ، وقتل سعدا مولى قدامة بن مظعون ، فلما وصل إلى البصرة تفرق عنه أصحابه ، فاختفى سهم ، وقيل : إنهم تفرقوا عند استخفائه ، فطلب الأمان وظن أنه يسوغ له عند زياد ما ساغ عند ابن عامر ، فلم يؤمنه زياد ، وبحث عنه ، فدل عليه ، فأخذه وقتله وصلبه في داره .

[ ص: 17 ] وقيل : لم يزل مستخفيا إلى أن مات زياد فأخذه عبيد الله بن زياد فصلبه سنة أربع وخمسين ، وقيل : قبل ذلك ، فقال رجل من الخوارج :


فإن تكن الأحزاب باءوا بصلبه فلا يبعدن الله سهم بن غالب



وأما الخطيم فإنه سأله عن قتله عبادة فأنكره فسيره إلى البحرين ثم أعاده بعد ذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية