الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : النوع الثاني : الشرط ] .

                                                                                                                                            وأما النوع الثاني وهو الشرط :

                                                                                                                                            والشرط في اللغة هو العلامة ومنه قول الله عز وجل : فقد جاء أشراطها [ محمد : 18 ] . أي علاماتها ولذلك سمي صاحب الشرط لتميزه بعلامته .

                                                                                                                                            والشرط في الشرع : هو الشيء الذي علق به الحكم لأنه علامة لوجوبه .

                                                                                                                                            فإذا علق الحكم بشرط ثبت الحكم بوجوده وانتفى بعدمه كقوله تعالى : فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي [ البقرة : 196 ] . فيتعلق به إثبات ونفي فيجري مجرى الاستثناء من وجه وإن خالفه من وجه .

                                                                                                                                            فوجه اجتماعهما أنه قد يثبت حكما وينفي حكما .

                                                                                                                                            ووجه افتراقهما : أن الشرط يثبت الحكم في حال وجوده وينفيه في حال عدمه ، والاستثناء يجمع بين النفي والإثبات في حال واحدة .

                                                                                                                                            وربما قيد الحكم بشرط قام الدليل على ثبوت الحكم مع وجوده وعدمه ولا يتعلق بالشرط إثبات ولا نفي .

                                                                                                                                            ويصرفه الدليل عما وضع له من الحقيقة إلى ما قصد به من المجاز كقوله تعالى : واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر [ الطلاق : 4 ] . وحقها في العدة مع وجود الريبة وعدمها سواء .

                                                                                                                                            فإن تجرد الشرط عن دليل حمل على موجبه في النفي الإثبات .

                                                                                                                                            [ ص: 71 ] فإن علق الشرط بجمل مذكورة عاد إلى جميعها ما لم يخصه دليل كالاستثناء .

                                                                                                                                            وجعله أبو حنيفة عائدا إلى أقرب مذكور .

                                                                                                                                            ودليلنا قوله تعالى : فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام [ المائدة : 89 ] . يعود إلى جميع ما تقدم ولا يعود إلى أقرب مذكور من تحرير الرقبة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية