الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإذا تمهد ما وصفنا من مقدمات الحيض فالنساء على أربعة أضرب : طاهر ، حائض ، ومستحاضة ، وذات فساد .

                                                                                                                                            فأما الطاهر فهي التي ترى النقاء ومعناه أن تستدخل القطن فيخرج نقيا .

                                                                                                                                            وأما الحائض : فهي التي ترى الدم في زمان يكون حيضا .

                                                                                                                                            وأما المستحاضة : فهي التي ترى الدم في أثر الحيض على صفة لا تكون حيضا .

                                                                                                                                            وأما ذات الفساد : فهي التي تبتدئ بدم لا يكون حيضا : وإذا كان النساء بهذه الأحوال فالطاهر منهن يتعلق عليها حكم الطهر ، والحائض يتعلق عليها حكم الحيض .

                                                                                                                                            وأما المستحاضة فينقسم حالها أربعة أقسام :

                                                                                                                                            أحدها : أن تكون مميزة .

                                                                                                                                            والثاني : أن تكون معتادة .

                                                                                                                                            والثالث : أن تكون صاحبة تمييز وعادة .

                                                                                                                                            والرابع : أن لا يكون لها تمييز ولا عادة .

                                                                                                                                            فصل : فأما المميزة فهي مسألة الكتاب وصورتها في امرأة تصل بها الدم حتى تجاوز خمسة عشر يوما وبعضه أسود ثخين ، وبعضه أحمر رقيق ، فهذه هي المميزة . فتميز من دمها كان أسود ثخينا فيكون حيضها وما كان منه أحمر رقيقا فهو استحاضة .

                                                                                                                                            وقال أبو حنيفة : لا اعتبار بالتمييز وترد إلى عادتها استدلالا بحديث أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لتنظر عدد الليالي والأيام التي كانت تحيضهن من الشهر قبل أن يصيبها الذي أصابها فلتترك الصلاة قدر ذلك الشهر قال : ولأن الدم قد يوجد فيكون حيضا وقد يوجد فلا يكون حيضا مع كونه متميزا أو أيام العادة إذا قاربها الدم لا يكون إلا حيضا ، ودليلنا حديث فاطمة بنت أبي حبيش أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها : " إذا كان دم الحيض فإنه أسود يعرف فإذا كان ذلك فأمسكي عن الصلاة " فردها إلى تمييزها واعتبار لونه وروى ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال للحائض دفعات ولدم الحيض ريح ليس لغيره فإذا ذهب قدر الحيض فلتغتسل ولأن الحيض متعلق بدم وأيام فوجب أن يقدم الدم على الأيام كالعدة تقدم الأقراء على الشهور . ولأن ما خرج من مخرج واحد إذا التبس وأمكن تمييزه بصفاته كان التمييز بصفاته أولى كالمني والمذي . وأما الجواب عن حديث أم سلمة فهو أنه وارد في المعتادة دون المميزة . وحديث فاطمة بنت أبي حبيش وارد في المميزة دون المعتادة فتستعمل الخبرين فيما وردا فيه ولا يسقط أحدهما بالآخر .

                                                                                                                                            وأما الجواب عن أيام العادة أنها لا تكون إلا حيضا فكان أولى من اعتبار الدم فهو أنه استدلال فاسد : لأن أيام العادة قد توجد خالية من الدم فلا يكون حيضا فكيف يجوز أن [ ص: 391 ] يجعل حكم الأيام أقوى من حكم الدم والدم قد يكون حيضا في غير أيام العادة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية