الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وأما القسم الثالث : وهو أن يكون السواد في الطرفين والحمرة أو الصفرة في الوسط فهذا على ثمانية أقسام :

                                                                                                                                            أحدها : أن يبلغ كل واحد من الدماء الثلاثة قدرا يكون حيضا ولا يتجاوز جميعه قدر أكثر الحيض مثاله أن ترى خمسة أيام دما أسود وخمسة أيام أحمر أو أصفر وخمسة أيام دما أسود . ففي الصفرة المتوسطة بين الدمين الأسودين وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : أنه حيض وهو قول أبي العباس .

                                                                                                                                            والثاني : استحاضة في حكم الطهرين الدمين ، وهو قول أبي إسحاق . فعلى هذا يكون على قولين من التلفيق :

                                                                                                                                            أحدهما : يكون في حكم الحيض .

                                                                                                                                            والثاني : في حكم الطهر وسواء في ذلك المبتدأة وذات الحيض لأن المبتدأة بما تقدم من السواد قد صارت من ذوات الحيض .

                                                                                                                                            والقسم الثاني : أن يبلغ كل واحد من الدماء الثلاثة قدرا يكون حيضا ويتجاوز جميعه قدر أكثر الحيض . مثاله : أن ترى سبعة أيام دما أحمر أو أصفر وسبعة أيام دما أسود فعلى قول أبي العباس يكون حيضها السبع السواد والسبع الصفرة وما تعقبه من السواد استحاضة . وعلى قول أبي إسحاق يكون حيضها السبعة السواد الأولى والسبعة السواد الأخيرة وتكون السبعة الصفرة استحاضة . ولا يكون على قولي التلفيق لمجاوزة قدر الحيض فلو رأت ثمانية أيام دما أسود وثمانية أيام دما أصفر وثمانية أيام دما أسود كان حيضها الثمانية السواد الأولى وما بعدها من الدمين استحاضة على المذهبين معا لأنك إذا ضممت إلى السواد الأول واحدا من الدمين تجاوز أكثر الحيض فلم يضم .

                                                                                                                                            والقسم الثالث : أن ينقص كل واحد من الدماء الثلاثة عن قدر الحيض ولا يبلغ [ ص: 395 ] جميعها قدر الحيض . مثاله أن ترى ساعة دما أسود وساعة دما أصفر وساعة دما أسود فهذا كله دم فساد وذكرناه وإن كان خارجا من أحكام المميزة : لأن مقابلة التقسيم في هذا الفصل اقتضاه .

                                                                                                                                            والقسم الرابع : أن ينقص كل واحد من الدماء الثلاثة عن قدر الحيض لكن يبلغ جميعها قدر الحيض . مثاله : " أن ترى يوما وليلة دما أسود وثلاثة أصفر وثلاثة أسود فعلى قول أبي العباس يكون حيضا . وعلى قول أبي إسحاق لا يكون حيضا : لأنه يخرج الصفرة فيكون باقي السواد ثلثي يوم وذلك لا يكون حيضا . فلو رأت نصف يوم دما أسود ونصف يوم دما أصفر ونصف يوم دما أسود : فعلى قول أبي إسحاق يكون حيضا يوما ونصفا وعلى قول أبي العباس لا يكون حيضا يوما ونصفا ، وعلى قول أبي إسحاق يكون حيضها يوما واحدا والنصف الصفرة استحاضة بين دمي حيض كطهر التلفيق .

                                                                                                                                            والقسم الخامس : أن يبلغ كل واحد من السوادين قدر الحيض وتنقص الصفرة المتوسطة عن قدر الحيض مثاله أن ترى خمسة أيام دما أسود ونصف يوم دما أصفر وخمسة أيام دما أسود . فعلى قول أبي العباس حيضها عشرة أيام ونصف وهي الدماء الثلاثة كلها . وعلى قول أبي إسحاق حيضها عشرة أيام زمان السوادين ونصف يوم الصفرة طهر بينهما . فيكون على قول التلفيق فلو رأت ثمانية أيام دما أسود ونصف يوم دما أصفر وسبعة أيام دما أسود : فعلى قول أبي العباس حيضها ثمانية أيام ونصف وما بعده من السبعة استحاضة لمجاوزته أكثر الحيض . وعلى قول أبي إسحاق حيضها خمسة عشر يوما وهو السوادان دون الصفرة .

                                                                                                                                            والقسم السادس : أن ينقص كل واحد من السوادين عن قدر الحيض فتبلغ الصفرة المتوسطة قدر الحيض . " مثاله : أن ترى نصف يوم دما أسود وخمسة أيام دما أصفر ونصف يوم دما أسود : فعلى قول أبي العباس حيضها ستة أيام وهي أيام الدم كله وعلى قول أبي إسحاق حيضها النصفان السوادان إن انضم إليهما مع اليوم ليلة والخمسة الصفرة المتوسطة استحاضة بين دمي حيض فيكون كطهر التلفيق وإن لم ينضم إلى يوم السوادين ليلة صار السواد تبعا للصفرة فتصير الستة كلها - وهي أيام الدماء الثلاثة - حيضا في ذات الحيض وفي المبتدأة على وجهين .

                                                                                                                                            والقسم السابع : أن يبلغ كل واحد من السواد الأول والصفرة المتوسطة قدر الحيض [ ص: 396 ] وينقص السواد الآخر عن قدر الحيض . مثاله أن ترى خمسة أيام دما أسود وخمسة أيام دما أصفر ونصف يوم دما أسود فكل ذلك حيض على المذهبين معا وهو عشرة أيام ونصف . أما أبو العباس فعلى أصله في أن الصفرة في أيام الحيض حيض وإن تعقبها سواد . وأما أبو إسحاق فلأن الصفرة لم يتعقبها من السواد قدر يكون حيضا فصارت تبعا وكان الكل حيضا فلو رأت ثمانية أيام دما أسود وسبعة أيام دما أصفر ونصف يوم دما أسود : فعلى قول أبي العباس يكون حيضها خمسة عشر يوما الثمانية السواد والسبعة الصفرة ويكون النصف يوم السواد دم فساد لمجاوزة أيام الحيض وتميزه عما قبل وعلى قول أبي إسحاق يكون حيضها ثمانية أيام ونصف وهو زمان الدمين الأسودين والسبعة الصفرة استحاضة محضة فلو رأت ثمانية أيام دما أسود وثمانية أيام دما أصفر ونصف يوم دما أسود فعلى قول أبي العباس حيضها ثمانية أيام ونصف زماني السواد الأول والأخير والثمانية الصفرة استحاضة محضة .

                                                                                                                                            والقسم الثاني : ينقص كل واحد من السواد الأول والصفرة المتوسطة عن قدر الحيض ويبلغ السواد الأخير قدر الحيض . مثاله أن ترى نصف يوم دما أسود ونصف يوم دما أصفر وخمسة أيام دما أسود فعلى قول أبي العباس حيضها ستة أيام زمان الدماء الثلاثة وعلى قول أبي إسحاق حيضها خمسة أيام وهي السواد الأخير ولا يكون السواد الأول حيضا لما تعقبه من الصفرة . فلو رأت نصف يوم دما أسود ونصف يوم دما أصفر وخمسة عشر يوما دما أسود : فحيضها على المذهبين معا الخمسة عشر السواد : لأن الرجوع إلى التمييز مع تجاوز أكثر الحيض ما لو انفرد كان حيضا ، فهذا ما في القسم الثالث من الأقسام الثمانية .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية