الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : والشرط الخامس العدالة : فمعتبرة في القضاء وجميع الولايات .

                                                                                                                                            والعدالة : أن يكون صادق اللهجة ظاهر الأمانة عفيفا عن المحارم متوقيا للمآثم بعيدا من الريب مأمونا في الرضا والغضب مستعملا لمروءة مثله في دينه وسنستوفي شروطها في كتاب الشهادات . فإذا تكاملت فيه فهي العدالة التي تصح بها ولايته وتقبل بها شهادته .

                                                                                                                                            فأما الفسق فعلى ضربين :

                                                                                                                                            أحدهما : ما تعلق بأفعال يتبع فيها الشهوة فلا يصح تقليده ولا ينفذ حكمه وإن وافق فيه الحق لفساد ولايته .

                                                                                                                                            وحكي عن الأصم صحة ولايته ، ونفوذ حكمه ، إذا وافق الحق لصحة إمامته في الصلاة ، وجواز اتباعه فيها .

                                                                                                                                            وهذا خطأ لقول الله تعالى : إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة [ الحجرات : 6 ] . فمنع من قبول قوله ، فكان أولى أن يمنع من نفوذ قوله .

                                                                                                                                            ولأن الله تعالى لما جعل العدالة شرطا في الشهادة كان أولى أن تكون شرطا في القضاء ، وجازت إمامته لتعلقها بالاختيار وخروجها عن الإلزام .

                                                                                                                                            والضرب الثاني : من الفسق ما اختص باعتقاد يتعلق فيه بشبهة يتأول بها خلاف الحق .

                                                                                                                                            ففي جواز تقليده وجهان :

                                                                                                                                            [ ص: 159 ] أحدهما : لا يجوز لأنه لما استوى حكم الكفر بتأويل وغير تأويل ، وجب أن يستوي حكم الفسق بتأويل وغير تأويل .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : يجوز تقليده لأنه لما كان تأوله الشبه في الفروع لا يمنع من التقليد كان كذلك في الأصول .

                                                                                                                                            فإن طرأ عليه الفسق بعد صحة تقليده بطلت ولايته بالضرب الأول .

                                                                                                                                            وفي بطلانها بالضرب الثاني وجهان :

                                                                                                                                            أصحهما هاهنا لا تبطل .

                                                                                                                                            وأصحهما هناك لا تنعقد لأنه لا يقلد إلا بتعديل كامل ولا ينعزل إلا بجرح كامل .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية