فصل : القول في شروط التحمل
وأما الفصل الثاني في شروط التحمل : فللمستمع أربعة أحوال :
أحدها : أن يسمع من لفظ المحدث .
والثاني : أن يقرأه على المحدث .
والثالث : أن يجيزه المحدث .
والرابع : أن يكاتبه به المحدث .
فأما الحالة الأولى في سماعه من لفظ المحدث فيصح تحمله عنه سواء كان عن قصد واسترعاء أو كان باتفاق ومذاكرة بخلاف الشهادة .
[ ص: 90 ] ويجوز أن يكون المحدث أعمى أو أصم ولا يصح السماع إن كان المتحمل أصم ويصح إن كان أعمى .
وأما الحالة الثانية في قراءة المستمع على المحدث فيصح تحمله كما لو قرأه المحدث ، وهكذا لو قرأه غير المستمع على المحدث كان كما لو قرأه المستمع .
ومن شرط صحة السماع في هذا شيئان :
أحدهما : أن يكون المحدث سميعا وإن كان أصم لم يصح .
والثاني : أن يعترف المحدث بصحة ما قرأه عليه .
وأما الحالة الثالثة : الإجازة فلا يصح التحمل بالإجازة .
وأجازه بعض أصحاب الحديث في جميع الأحوال ، واعتبر بعضهم في صحة الإجازة أن يسلم المحدث الكتاب من يده عند إجازته فيصح التحمل إذا قال قد أجزتك ما في هذا الكتاب ، ولا يصح إن لم يسلم الكتاب .
وكل هذا لا يصح فيه التحمل عند الشافعي ، ولو صحت الإجازة بطلت الرحلة وقد يتدلس في الإجازة الفاسد بالصحيح . والمجهول بالمعروف .
وأما الحال الرابعة : في مكاتبة المحدث بالحديث فلا يصح فيها التحمل .
فإن قيل : فقد كتب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى عماله بالسنن والأحكام كتبا عملوا عليها
وأخذ الناس بها . منها كتابه إلى عمرو بن حزم في الديات ، والصحيفة التي أخذها أبو بكر من قراب سيفه في نصب الزكاة ، قيل : قد كانت ترد مع رسل يعول على خبرهم بها .
ويصح سماع غير البالغ إذا كان مميزا ؛ قد سمع ابن أبي بكر وكان ابن سبع سنين حين مات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد سمع ابن عباس قبل بلوغه فقبل الناس روايتهما بعد البلوغ .
وهكذا لو كان المستمع كافرا ثم أسلم أو فاسقا ثم اعتدل لأن شرط صحة التحمل هو صحة التمييز وحده .