ثم إن الملك ، وهو
الريان بن الوليد بن الهروان بن أراشة بن فاران بن عمرو بن عملاق بن لاوذ بن سام بن نوح ، رأى رؤيا هائلة ، رأى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف ، ورأى سبع سنبلات خضر وأخر يابسات ، فجمع السحرة والكهنة والحازة والعافة فقصها عليهم ، فقالوا :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=44أضغاث أحلام وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=45وقال الذي نجا منهما وادكر بعد أمة - أي حين -
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=45أنا أنبئكم بتأويله فأرسلوني . فأرسلوه إلى
يوسف ، فقص عليه الرؤيا ، فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=47تزرعون سبع سنين دأبا فما حصدتم فذروه في سنبله إلا قليلا مما تأكلون nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=48ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد يأكلن ما قدمتم لهن إلا قليلا مما تحصنون nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=49ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون ، فإن البقر السمان : السنون المخاصيب ، والبقرات العجاف : السنون المحول ، وكذلك السنبلات الخضر واليابسات ، فعاد
نبو إلى الملك فأخبره ، فعلم أن قول
يوسف حق ، فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=50ائتوني به . فلما أتاه الرسول ودعاه إلى الملك لم يخرج معه وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=50ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن فلما رجع الرسول من عند
يوسف سأل الملك أولئك النسوة فقلن :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=51حاش لله ما علمنا عليه من سوء ولكن
امرأة [ ص: 130 ] العزيز خبرتنا أنها راودته عن نفسه ، فقالت
امرأة العزيز :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=51أنا راودته عن نفسه . فقال
يوسف : إنما رددت الرسل ليعلم سيدي
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=52أني لم أخنه بالغيب في زوجته . فلما قال ذلك ، قال له
جبرائيل : ولا حين هممت بها ؟ فقال
يوسف :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=53وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء .
فلما ظهر للملك براءة
يوسف وأمانته قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=54ائتوني به أستخلصه لنفسي . فلما جاءه الرسول خرج معه ودعا لأهل السجن وكتب على بابه : هذا قبر الأحياء وبيت الأحزان وتجربة الأصدقاء وشماتة الأعداء .
ثم اغتسل ولبس ثيابه وقصد الملك ، فلما وصل إليه و
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=54كلمه قال إنك اليوم لدينا مكين أمين . فقال
يوسف :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=55اجعلني على خزائن الأرض . فاستعمله بعد سنة ولو لم يقل اجعلني على خزائن الأرض لاستعمله من ساعته ، فسلم خزائنه كلها بعد سنة وجعل القضاء إليه وحكمه نافذا ، ورد إليه عمل
قطفير سيده بعد أن هلك ، وكان هلاكه في تلك الليالي ، وقيل : بل عزله
فرعون وولى
يوسف عمله ، والأول أصح لأن
يوسف تزوج امرأته ، على ما نذكره .
ولما ولي
يوسف عمل
مصر دعا
الملك ريان إلى الإيمان ، فآمن ثم توفي ، ثم ملك بعده
مصر قابوس بن مصعب بن معاوية بن نمير بن السلواس بن فاران بن عمرو بن عملاق ، فدعاه
يوسف إلى الإيمان ، فلم يؤمن ، وتوفي
يوسف في ملكه .
ثم إن
الملك الريان زوج
يوسف راعيل امرأة سيده ، فلما دخل بها قال : أليس هذا خيرا مما كنت تريدين ؟ فقالت : أيها الصديق لا تلمني فإني كنت امرأة حسناء جميلة في
[ ص: 131 ] ملك ودنيا وكان صاحبي لا يأتي النساء وكنت كما جعلك الله في حسنك فغلبتني نفسي . ووجدها بكرا ، فولدت له ولدين
إفرائيم ومنشا .
فلما ولي
يوسف خزائن أرضه ومضت السنون السبع المخصبات وجمع فيها الطعام في سنبله ودخلت السنون المجدبة وقحط الناس ، وأصابهم الجوع ، وأصاب بلاد
يعقوب التي هو بها بعث بنيه إلى
مصر وأمسك
بنيامين أخا
يوسف لأمه ، فلما دخلوا على
يوسف عرفهم وهم له منكرون ، وإنما أنكروه لبعد عهدهم منه ولتغير لبسته ، فإنه لبس ثياب الملوك ، فلما نظر إليهم قال : أخبروني ما شأنكم . قالوا : نحن من
الشام جئنا نمتار الطعام . قال : كذبتم ، أنتم عيون ، فأخبروني خبركم . قالوا : نحن عشرة أولاد رجل واحد صديق ، كنا اثني عشر ، وإنه كان لنا أخ فخرج معنا في البرية فهلك ، وكان أحبنا إلى أبينا . قال : فإلى من سكن أبوكم بعده ؟ قالوا : إلى أخ لنا أصغر منه . قال : فأتوني به أنظر إليه
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=60فإن لم تأتوني به فلا كيل لكم عندي ولا تقربون nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=61قالوا سنراود عنه أباه . قال : فاجعلوا بعضكم عندي رهينة حتى ترجعوا . فوضعوا
شمعون ، أصابته القرعة ، وجهزهم
يوسف بجهازهم ، وقال لفتيانه : اجعلوا بضاعتهم ، يعني ثمن الطعام ، في رحالهم لعلهم يرجعون ، لما علم أن أمانتهم وديانتهم تحملهم على رد البضاعة فيرجعون إليه لأجلها .
وقيل : رد مالهم لأنه خشي أن لا يكون عند أبيه ما يرجعون به مرة أخرى ، فإذا رأوا معهم بضاعة عادوا . وكان
يوسف حين رأى ما بالناس من الجهد قد أسى بينهم ، وكان لا يحمل للرجل إلا بعيرا .
فلما رجعوا إلى أبيهم بأحمالهم قالوا : يا أبانا إن عزيز
مصر قد أكرمنا كرامة لو أنه بعض أولاد
يعقوب ما زاد على كرامته ، وإنه ارتهن
شمعون ، وقال : ائتوني بأخيكم الذي عطف عليه أبوكم بعد أخيكم ،
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=60فإن لم تأتوني به فلا كيل لكم عندي ولا تقربون .
[ ص: 132 ] قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=64هل آمنكم عليه إلا كما أمنتكم على أخيه من قبل nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=65ولما فتحوا متاعهم وجدوا بضاعتهم ردت إليهم nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=65قالوا ياأبانا ما نبغي هذه بضاعتنا ردت إلينا ونمير أهلنا ونحفظ أخانا ونزداد كيل بعير ، قال
يعقوب :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=65ذلك كيل يسير ، فقال
يعقوب :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=66لن أرسله معكم حتى تؤتون موثقا من الله لتأتنني به إلا أن يحاط بكم فلما آتوه موثقهم قال الله على ما نقول وكيل . ثم أوصاهم أبوهم بعد أن أذن لأخيهم في الرحيل معهم
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=67وقال يابني لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة ، خاف عليهم العين ، وكانوا ذوي صورة حسنة ، ففعلوا كما أمرهم أبوهم ،
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=69ولما دخلوا على يوسف آوى إليه أخاه وعرفه وأنزلهم منزلا وأجرى عليهم الوظائف وقدم لهم الطعام وأجلس كل اثنين على مائدة ، فبقي
بنيامين وحده ، فبكى وقال : لو كان أخي
يوسف حيا لأجلسني معه ! فقال
يوسف : لقد بقي أخوكم هذا وحيدا ، فأجلسه معه وقعد يؤاكله . فلما كان الليل جاءهم بالفراش وقال : لينم كل أخوين منكم على فراش ، وبقي
بنيامين وحده ، فقال : هذا ينام معي ، فبات معه على فراشه ، فبقي يشمه ويضمه إليه حتى أصبح ، وذكر له
بنيامين حزنه على
يوسف ، فقال له : أتحب أن أكون أخاك عوض أخيك الذاهب ؟ فقال
بنيامين : ومن يجد أخا مثلك ! ولكن لم يلدك
يعقوب ولا
راحيل . فبكى
يوسف وقام إليه فعانقه ، وقال له : إني أنا أخوك
يوسف فلا تبتئس بما فعلوه بنا فيما مضى ، فإن الله قد أحسن إلينا ، ولا تعلمهم بما علمتك .
وقيل : لما دخلوا على
يوسف نقر الصواع وقال : إنه يخبرني أنكم كنتم اثني عشر رجلا وأنكم بعتم أخاكم . فلما سمعه
بنيامين سجد له وقال : سل صواعك هذا عن أخي أحي هو ؟ فنقره ، ثم قال : هو حي ، وستراه . قال : فاصنع بي ما شئت فإنه إن علم بي فسوف يستقدني ، قال : فدخل
يوسف فبكى ثم توضأ وخرج إليهم ، قال : فلما حمل
يوسف إبل إخوته من الميرة جعل الإناء الذي يكيل به الطعام ، وهو الصواع ، وكان من فضة ، في رحل أخيه .
[ ص: 133 ] وقيل : كان إناء يشرب فيه . ولم يشعر أخوه بذلك .
وقيل : إن
بنيامين لما علم أن
يوسف أخوه قال : لا أفارقك . قال
يوسف : أخاف غم أبوينا ولا يمكنني حبسك إلا بعد أن أشهرك بأمر فظيع . قال : افعل . قال : فإني أجعل الصواع في رحلك ، ثم أنادي عليك بالسرقة لآخذك منهم . قال : افعل : فلما ارتحلوا
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=70أذن مؤذن أيتها العير إنكم لسارقون .
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=73قالوا تالله لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض وما كنا سارقين لأننا رددنا ثمن الطعام إلى
يوسف . فلما قالوا ذلك
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=74قالوا فما جزاؤه إن كنتم كاذبين nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=75قالوا جزاؤه من وجد في رحله فهو جزاؤه تأخذونه لكم .
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=76فبدأ بأوعيتهم ففتشها
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=76قبل وعاء أخيه ثم استخرجها من وعاء أخيه . فقالوا :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=77إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل ، يعنون
يوسف ، وكانت سرقته حين سرق صنما لجده أبي أمه فكسره فعيروه بذلك ، وقيل ما تقدم ذكره من المنطقة .
فلما استخرجت السرقة من رحل الغلام قال إخوته : يا
بني راحيل ، لا يزال لنا منكم بلاء ! فقال
بنيامين : بل
بنو راحيل ما يزال لهم منكم بلاء ! وضع هذا الصواع في رحلي الذي وضع الدراهم في رحالكم .
فأخذ
يوسف أخاه بحكم إخوته ، فلما رأوا أنهم لا سبيل لهم عليه سألوه أن يتركه لهم و
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=78قالوا ياأيها العزيز إن له أبا شيخا كبيرا فخذ أحدنا مكانه . فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=79معاذ الله أن نأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده . فلما أيسوا من خلاصه خلصوا نجيا لا يختلط بهم غيرهم ، فقال كبيرهم ، وهو
شمعون :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=80ألم تعلموا أن أباكم قد أخذ عليكم موثقا من الله [ ص: 134 ] أن نأتيه بأخينا إلا أن يحاط بنا ، ومن قبل هذه المرة
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=80ما فرطتم في يوسف فلن أبرح الأرض حتى يأذن لي أبي بالخروج ، وقيل : بالحرب ، فارجعوا إلى أبيكم فقصوا عليه خبركم .
فلما رجعوا إلى أبيهم فأخبروه بخبر
بنيامين وتخلف
شمعون nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=83قال بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل عسى الله أن يأتيني بهم جميعا بيوسف وأخيه
وشمعون ، ثم أعرض عنهم ، وقال : واحزناه على
يوسف !
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=84وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم مملوء من الحزن والغيظ فقال له بنوه :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=85تالله تفتأ تذكر يوسف حتى تكون حرضا - أي : دنفا -
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=85أو تكون من الهالكين . فأجابهم
يعقوب فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=86إنما أشكو بثي وحزني إلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون من صدق رؤيا
يوسف .
وقيل : بلغ من وجد
يعقوب وجد سبعين مبتلى ، وأعطي على ذلك أجر مائة شهيد .
قيل : دخل على
يعقوب جار له فقال : يا
يعقوب ، قد انهشمت وفنيت ولم تبلغ من السن ما بلغ أبوك ! فقال : هشمني وأفناني ما ابتلاني الله به من هم
يوسف . فأوحى الله إليه : أتشكوني إلى خلقي ؟ قال : يا رب خطيئة فاغفرها . قال : قد غفرتها لك . فكان
يعقوب إذا سئل بعد ذلك قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=86إنما أشكو بثي وحزني إلى الله فأوحى الله إليه : لو كانا ميتين لأحييتهما لك ، إنما ابتليتك لأنك قد شويت وقترت على جارك ولم تطعمه .
وقيل : كان سبب ابتلائه أنه كان له بقرة لها عجول فذبح عجولها بين يديها وهي تخور فلم يرحمها
يعقوب ، فابتلي بفقد أعز ولده عنده ، وقيل : ذبح شاة ، فقام ببابه مسكين فلم يطعمه منها ، فأوحى الله إليه في ذلك
[ ص: 135 ] وأعلمه أنه سبب ابتلائه ، فصنع طعاما ونادى : من كان صائما فليفطر عند
يعقوب .
ثم إن
يعقوب أمر بنيه الذين قدموا عليه من
مصر بالرجوع إليها وتجسس الأخبار عن
يوسف وأخيه ، فرجعوا إلى
مصر فدخلوا على
يوسف ، وقالوا :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=88ياأيها العزيز مسنا وأهلنا الضر وجئنا ببضاعة مزجاة - يعني قليلة -
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=88فأوف لنا الكيل ، قيل : كانت بضاعتهم دراهم زيوفا ، وقيل : كانت سمنا وصوفا ، وقيل غير ذلك ،
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=88وتصدق علينا بفضل ما بين الجيد والرديء ، وقيل : برد أخينا علينا . فلما سمع كلامهم غلبته نفسه فارفض دمعه باكيا ثم باح لهم بالذي كان يكتم ، وقيل : إنما أظهر لهم ذلك لأن أباه كتب إليه ، حين قيل له إنه أخذ ابنه لأنه سرق - كتابا :
من
يعقوب إسرائيل الله بن إسحاق ذبيح الله بن إبراهيم خليل الله إلى
عزيز مصر المظهر العدل
أما بعد ، فإنا أهل بيت موكل بنا البلاء ، وأما جدي فشدت يداه ورجلاه ، وألقي في النار فجعلها الله بردا وسلاما ، وأما أبي فشدت يداه ورجلاه ، ووضع السكين على حلقه ليذبح ففداه الله ، وأما أنا فكان لي ابن وكان أحب أولادي إلي فذهب به إخوته إلى البرية فعادوا ومعهم قميصه ملطخا بدم ، وقالوا : أكله الذئب ، وكان لي ابن آخر أخوه لأمه فكنت أتسلى به فذهبوا به ، ثم رجعوا ، وقالوا : إنه سرق وإنك حبسته ، وإنا أهل بيت لا نسرق ، ولا نلد سارقا ، فإن رددته علي وإلا دعوت عليك دعوة تدرك السابع من ولدك .
فلما قرأ الكتاب لم يتمالك أن بكى وأظهر لهم فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=89هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه إذ أنتم جاهلون nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=90قالوا أئنك لأنت يوسف قال أنا يوسف وهذا أخي قد من الله علينا بأن جمع بيننا ، فاعتذروا و
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=91قالوا تالله لقد آثرك الله علينا وإن كنا لخاطئين nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=92قال لا تثريب عليكم اليوم .
[ ص: 136 ] أي لا أذكر لكم ذنبكم ،
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=92يغفر الله لكم ، ثم سألهم عن أبيه ، فقالوا : لما فاته
بنيامين عمي من الحزن ، فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=93اذهبوا بقميصي هذا فألقوه على وجه أبي يأت بصيرا وأتوني بأهلكم أجمعين . فقال
يهودا : أنا أذهب به لأني ذهبت إليه بالقميص ملطخا بالدم وأخبرته أن
يوسف أكله الذئب ، فأنا أخبره أنه حي فأفرحه كما أحزنته . وكان هو البشير .
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=94ولما فصلت العير عن
مصر حملت الريح إلى
يعقوب ريح
يوسف ، وبينهما ثمانون فرسخا ،
يوسف بمصر ويعقوب بأرض كنعان . فقال
يعقوب :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=94إني لأجد ريح يوسف لولا أن تفندون ؟ فقال له من حضره من أولاده :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=95تالله إنك من ذكر
يوسف nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=95لفي ضلالك القديم nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=96فلما أن جاء البشير بقميص
يوسف ألقاه على وجه
يعقوب فعاد بصيرا و
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=96قال ألم أقل لكم إني أعلم من الله ما لا تعلمون ، يعني تصديق الله تأويل رؤيا
يوسف ، و
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=96لما أن جاء البشير قال له
يعقوب : كيف تركت
يوسف ؟ قال : إنه ملك
مصر . قال : ما أصنع بالملك ! على أي دين تركته ؟ قال : على الإسلام . قال : الآن تمت النعمة . فلما رأى من عنده من أولاده قميص
يوسف وخبره قالوا له :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=97ياأبانا استغفر لنا ذنوبنا nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=98قال سوف أستغفر لكم أخر الدعاء إلى السحر من ليلة الجمعة .
ثم ارتحل
يعقوب وولده ، فلما دنا من
مصر خرج
يوسف يتلقاه ومعه
أهل مصر ، وكانوا يعظمونه ، فلما دنا أحدهما من صاحبه نظر
يعقوب إلى الناس والخيل ، وكان
يعقوب يمشي ويتوكأ على ابنه
يهودا ، فقال له : يا بني هذا
فرعون مصر . قال : لا ، هذا ابنك
يوسف . فلما قرب منه أراد
يوسف أن يبدأه بالسلام ، فمنع من ذلك ، فقال له
يعقوب :
[ ص: 137 ] السلام عليك يا مذهب الأحزان ، لأنه لم يفارقه الحزن والبكاء مدة غيبة
يوسف عنه .
قال : فلما دخلوا
مصر رفع أبويه ، يعني أمه وأباه ، وقيل : كانت خالته . وكانت أمه قد ماتت ، وخر له
يعقوب وأمه وإخوته سجدا ، وكان السجود تحية الناس للملوك ، ولم يرد بالسجود وضع الجبهة على الأرض ، فإن ذلك لا يجوز إلا لله تعالى ، وإنما أراد الخضوع والتواضع والانحناء عند السلام كما يفعل الآن بالملوك . والعرش : السرير . وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=100ياأبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا .
وكان بين رؤيا
يوسف ومجيء
يعقوب أربعون سنة ، وقيل : ثمانون سنة ، فإنه ألقي في الجب وهو ابن سبع عشرة سنة ، ولقيه وهو ابن سبع وتسعين وعاش بعد جمع شمله ثلاثا وعشرين سنة ، وتوفي وله مائة وعشرون سنة ، وأوصى إلى أخيه
يهودا . وقيل كانت غيبة
يوسف عن
يعقوب ثماني عشرة سنة . وقيل : إن
يوسف دخل
مصر وله سبع عشرة سنة ، واستوزره فرعون بعد ثلاث عشرة سنة من قدومه إلى
مصر ، وكانت مدة غيبته عن
يعقوب اثنتين وعشرين سنة ، وكان مقام
يعقوب بمصر وأهله معه سبع عشرة سنة ، وقيل غير ذلك ، والله أعلم .
ولما مات
يعقوب أوصى إلى
يوسف أن يدفنه مع أبيه
إسحاق ، ففعل
يوسف ، فسار به إلى
الشام فدفنه عند أبيه ، ثم عاد إلى
مصر وأوصى
يوسف أن يحمل من
مصر ويدفن عند آبائه ، فحمله
موسى لما خرج
ببني إسرائيل .
وولد
يوسف إفرائيم ومنشى ، فولد
لإفرائيم نون ،
ولنون يوشع فتى موسى ، وولد
لمنشى موسى ، قبل
موسى بن عمران ، وزعم أهل التوراة أنه
موسى الخضر ، وولد له
رحمة امرأة أيوب في قول .
ثُمَّ إِنَّ الْمَلِكَ ، وَهُوَ
الرَّيَّانُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ الْهَرَوَانِ بْنِ أَرَاشَةَ بْنِ فَارَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ عِمْلَاقِ بْنِ لَاوُذَ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ ، رَأَى رُؤْيَا هَائِلَةً ، رَأَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ ، وَرَأَى سَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ ، فَجَمَعَ السَّحَرَةَ وَالْكَهَنَةَ وَالْحَازَةَ وَالْعَافَةَ فَقَصَّهَا عَلَيْهِمْ ، فَقَالُوا :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=44أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=45وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ - أَيْ حِينٍ -
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=45أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِي . فَأَرْسَلُوهُ إِلَى
يُوسُفَ ، فَقَصَّ عَلَيْهِ الرُّؤْيَا ، فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=47تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=48ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=49ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ ، فَإِنَّ الْبَقَرَ السِّمَانَ : السِّنُونَ الْمَخَاصِيبُ ، وَالْبَقَرَاتُ الْعِجَافُ : السِّنُونَ الْمُحُولُ ، وَكَذَلِكَ السُّنْبُلَاتُ الْخُضْرُ وَالْيَابِسَاتُ ، فَعَادَ
نَبْوُ إِلَى الْمَلِكِ فَأَخْبَرَهُ ، فَعَلِمَ أَنَّ قَوْلَ
يُوسُفَ حَقٌّ ، فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=50ائْتُونِي بِهِ . فَلَمَّا أَتَاهُ الرَّسُولُ وَدَعَاهُ إِلَى الْمَلِكِ لَمْ يَخْرُجْ مَعَهُ وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=50ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ فَلَمَّا رَجَعَ الرَّسُولُ مِنْ عِنْدِ
يُوسُفَ سَأَلَ الْمَلِكُ أُولَئِكَ النِّسْوَةَ فَقُلْنَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=51حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ وَلَكِنَّ
امْرَأَةَ [ ص: 130 ] الْعَزِيزِ خَبَّرَتْنَا أَنَّهَا رَاوَدَتْهُ عَنْ نَفْسِهِ ، فَقَالَتِ
امْرَأَةُ الْعَزِيزِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=51أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ . فَقَالَ
يُوسُفُ : إِنَّمَا رَدَدْتُ الرُّسُلَ لِيَعْلَمَ سَيِّدِي
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=52أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ فِي زَوْجَتِهِ . فَلَمَّا قَالَ ذَلِكَ ، قَالَ لَهُ
جَبْرَائِيلُ : وَلَا حِينَ هَمَمْتَ بِهَا ؟ فَقَالَ
يُوسُفُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=53وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ .
فَلَمَّا ظَهَرَ لِلْمَلِكِ بَرَاءَةُ
يُوسُفَ وَأَمَانَتُهُ قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=54ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي . فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ خَرَجَ مَعَهُ وَدَعَا لِأَهْلِ السِّجْنِ وَكَتَبَ عَلَى بَابِهِ : هَذَا قَبْرُ الْأَحْيَاءِ وَبَيْتُ الْأَحْزَانِ وَتَجْرِبَةُ الْأَصْدِقَاءِ وَشَمَاتَةُ الْأَعْدَاءِ .
ثُمَّ اغْتَسَلَ وَلَبِسَ ثِيَابَهُ وَقَصَدَ الْمَلِكَ ، فَلَمَّا وَصَلَ إِلَيْهِ وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=54كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ . فَقَالَ
يُوسُفُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=55اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ . فَاسْتَعْمَلَهُ بَعْدَ سَنَةٍ وَلَوْ لَمْ يَقُلِ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ لَاسْتَعْمَلَهُ مِنْ سَاعَتِهِ ، فَسَلَّمَ خَزَائِنَهُ كُلَّهَا بَعْدَ سَنَةٍ وَجَعَلَ الْقَضَاءَ إِلَيْهِ وَحُكْمَهُ نَافِذًا ، وَرَدَّ إِلَيْهِ عَمَلَ
قُطْفِيرَ سَيِّدِهِ بَعْدَ أَنْ هَلَكَ ، وَكَانَ هَلَاكُهُ فِي تِلْكَ اللَّيَالِي ، وَقِيلَ : بَلْ عَزَلَهُ
فِرْعَوْنُ وَوَلَّى
يُوسُفَ عَمَلَهُ ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ لِأَنَّ
يُوسُفَ تَزَوَّجَ امْرَأَتَهُ ، عَلَى مَا نَذْكُرُهُ .
وَلَمَّا وَلِيَ
يُوسُفُ عَمَلَ
مِصْرَ دَعَا
الْمَلِكَ رَيَّانَ إِلَى الْإِيمَانِ ، فَآمَنَ ثُمَّ تُوُفِّيَ ، ثُمَّ مَلَكَ بَعْدَهُ
مِصْرَ قَابُوسُ بْنُ مُصْعَبِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ نُمَيِرِ بْنِ السَّلْوَاسِ بْنِ فَارَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ عِمْلَاقٍ ، فَدَعَاهُ
يُوسُفُ إِلَى الْإِيمَانِ ، فَلَمْ يُؤْمِنْ ، وَتُوَفِّيَ
يُوسُفُ فِي مُلْكِهِ .
ثُمَّ إِنَّ
الْمَلِكَ الرَّيَّانَ زَوَّجَ
يُوسُفَ رَاعِيلَ امْرَأَةَ سَيِّدِهِ ، فَلَمَّا دَخَلَ بِهَا قَالَ : أَلَيْسَ هَذَا خَيْرًا مِمَّا كُنْتِ تُرِيدِينَ ؟ فَقَالَتْ : أَيُّهَا الصِّدِّيقُ لَا تَلُمْنِي فَإِنِّي كُنْتُ امْرَأَةً حَسْنَاءَ جَمِيلَةً فِي
[ ص: 131 ] مُلْكٍ وَدُنْيَا وَكَانَ صَاحِبِي لَا يَأْتِي النِّسَاءَ وَكُنْتَ كَمَا جَعَلَكَ اللَّهُ فِي حُسْنِكَ فَغَلَبَتْنِي نَفْسِي . وَوَجَدَهَا بِكْرًا ، فَوَلَدَتْ لَهُ وَلَدَيْنِ
إِفْرَائِيمَ وَمَنْشَا .
فَلَمَّا وَلِيَ
يُوسُفُ خَزَائِنَ أَرْضِهِ وَمَضَتِ السِّنُونَ السَّبْعُ الْمُخْصِبَاتُ وَجَمَعَ فِيهَا الطَّعَامَ فِي سُنْبُلِهِ وَدَخَلَتِ السِّنُونَ الْمُجْدِبَةُ وَقَحَطَ النَّاسُ ، وَأَصَابَهُمُ الْجُوعُ ، وَأَصَابَ بِلَادَ
يَعْقُوبَ الَّتِي هُوَ بِهَا بَعَثَ بَنِيهِ إِلَى
مِصْرَ وَأَمْسَكَ
بِنْيَامِينَ أَخَا
يُوسُفَ لِأُمِّهِ ، فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى
يُوسُفَ عَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ ، وَإِنَّمَا أَنْكَرُوهُ لِبُعْدِ عَهْدِهِمْ مِنْهُ وَلِتَغَيُّرِ لُبْسَتِهِ ، فَإِنَّهُ لَبِسَ ثِيَابَ الْمُلُوكِ ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِمْ قَالَ : أَخْبِرُونِي مَا شَأْنُكُمْ . قَالُوا : نَحْنُ مِنَ
الشَّامِ جِئْنَا نَمْتَارُ الطَّعَامَ . قَالَ : كَذَبْتُمْ ، أَنْتُمْ عُيُونٌ ، فَأَخْبِرُونِي خَبَرَكُمْ . قَالُوا : نَحْنُ عَشَرَةُ أَوْلَادِ رَجُلٍ وَاحِدٍ صِدِّيقٍ ، كُنَّا اثْنَيْ عَشَرَ ، وَإِنَّهُ كَانَ لَنَا أَخٌ فَخَرَجَ مَعَنَا فِي الْبَرِّيَّةِ فَهَلَكَ ، وَكَانَ أَحَبَّنَا إِلَى أَبِينَا . قَالَ : فَإِلَى مَنْ سَكَنَ أَبُوكُمْ بَعْدَهُ ؟ قَالُوا : إِلَى أَخٍ لَنَا أَصْغَرَ مِنْهُ . قَالَ : فَأْتُونِي بِهِ أَنْظُرْ إِلَيْهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=60فَإِنْ لَمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلَا كَيْلَ لَكُمْ عِنْدِي وَلَا تَقْرَبُونِ nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=61قَالُوا سَنُرَاوِدُ عَنْهُ أَبَاهُ . قَالَ : فَاجْعَلُوا بَعْضَكُمْ عِنْدِي رَهِينَةً حَتَّى تَرْجِعُوا . فَوَضَعُوا
شَمْعُونَ ، أَصَابَتْهُ الْقُرْعَةُ ، وَجَهَّزَهُمْ
يُوسُفُ بِجَهَازِهِمْ ، وَقَالَ لِفِتْيَانِهِ : اجْعَلُوا بِضَاعَتَهُمْ ، يَعْنِي ثَمَنَ الطَّعَامِ ، فِي رِحَالِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ، لَمَّا عَلِمَ أَنَّ أَمَانَتَهُمْ وَدِيَانَتَهُمْ تَحْمِلُهُمْ عَلَى رَدِّ الْبِضَاعَةِ فَيَرْجِعُونَ إِلَيْهِ لِأَجْلِهَا .
وَقِيلَ : رَدَّ مَالَهُمْ لِأَنَّهُ خَشِيَ أَنْ لَا يَكُونَ عِنْدَ أَبِيهِ مَا يَرْجِعُونَ بِهِ مَرَّةً أُخْرَى ، فَإِذَا رَأَوْا مَعَهُمْ بِضَاعَةً عَادُوا . وَكَانَ
يُوسُفُ حِينَ رَأَى مَا بِالنَّاسِ مِنَ الْجُهْدِ قَدْ أَسَى بَيْنَهُمْ ، وَكَانَ لَا يَحْمِلُ لِلرَّجُلِ إِلَّا بَعِيرًا .
فَلَمَّا رَجَعُوا إِلَى أَبِيهِمْ بِأَحْمَالِهِمْ قَالُوا : يَا أَبَانَا إِنَّ عَزِيزَ
مِصْرَ قَدْ أَكْرَمَنَا كَرَامَةً لَوْ أَنَّهُ بَعْضُ أَوْلَادِ
يَعْقُوبَ مَا زَادَ عَلَى كَرَامَتِهِ ، وَإِنَّهُ ارْتَهَنَ
شَمْعُونَ ، وَقَالَ : ائْتُونِي بِأَخِيكُمُ الَّذِي عَطَفَ عَلَيْهِ أَبُوكُمْ بَعْدَ أَخِيكُمْ ،
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=60فَإِنْ لَمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلَا كَيْلَ لَكُمْ عِنْدِي وَلَا تَقْرَبُونِ .
[ ص: 132 ] قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=64هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلَّا كَمَا أَمِنْتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=65وَلَمَّا فَتَحُوا مَتَاعَهُمْ وَجَدُوا بِضَاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=65قَالُوا يَاأَبَانَا مَا نَبْغِي هَذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا وَنَمِيرُ أَهْلَنَا وَنَحْفَظُ أَخَانَا وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ ، قَالَ
يَعْقُوبُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=65ذَلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ ، فَقَالَ
يَعْقُوبُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=66لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ اللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ . ثُمَّ أَوْصَاهُمْ أَبُوهُمْ بَعْدَ أَنْ أَذِنَ لِأَخِيهِمْ فِي الرَّحِيلِ مَعَهُمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=67وَقَالَ يَابَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ ، خَافَ عَلَيْهِمُ الْعَيْنَ ، وَكَانُوا ذَوِي صُورَةٍ حَسَنَةٍ ، فَفَعَلُوا كَمَا أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ ،
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=69وَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَخَاهُ وَعَرَفَهُ وَأَنْزَلَهُمْ مَنْزِلًا وَأَجْرَى عَلَيْهِمُ الْوَظَائِفَ وَقَدَّمَ لَهُمُ الطَّعَامَ وَأَجْلَسَ كُلَّ اثْنَيْنِ عَلَى مَائِدَةٍ ، فَبَقِيَ
بِنْيَامِينُ وَحْدَهُ ، فَبَكَى وَقَالَ : لَوْ كَانَ أَخِي
يُوسُفُ حَيًّا لَأَجْلَسَنِي مَعَهُ ! فَقَالَ
يُوسُفُ : لَقَدْ بَقِيَ أَخُوكُمْ هَذَا وَحِيدًا ، فَأَجْلَسَهُ مَعَهُ وَقَعَدَ يُؤَاكِلُهُ . فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ جَاءَهُمْ بِالْفِرَاشِ وَقَالَ : لِيَنَمْ كُلُّ أَخَوَيْنِ مِنْكُمْ عَلَى فِرَاشٍ ، وَبَقِيَ
بِنْيَامِينُ وَحْدَهُ ، فَقَالَ : هَذَا يَنَامُ مَعِي ، فَبَاتَ مَعَهُ عَلَى فِرَاشِهِ ، فَبَقِيَ يَشُمُّهُ وَيَضُمُّهُ إِلَيْهِ حَتَّى أَصْبَحَ ، وَذَكَرَ لَهُ
بِنْيَامِينُ حُزْنَهُ عَلَى
يُوسُفَ ، فَقَالَ لَهُ : أَتُحِبُّ أَنْ أَكُونَ أَخَاكَ عِوَضَ أَخِيكَ الذَّاهِبِ ؟ فَقَالَ
بِنْيَامِينُ : وَمَنْ يَجِدُ أَخًا مِثْلَكَ ! وَلَكِنْ لَمْ يَلِدْكَ
يَعْقُوبُ وَلَا
رَاحِيلُ . فَبَكَى
يُوسُفُ وَقَامَ إِلَيْهِ فَعَانَقَهُ ، وَقَالَ لَهُ : إِنِّي أَنَا أَخُوكَ
يُوسُفُ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا فَعَلُوهُ بِنَا فِيمَا مَضَى ، فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَحْسَنَ إِلَيْنَا ، وَلَا تُعْلِمْهُمْ بِمَا عَلَّمْتُكَ .
وَقِيلَ : لَمَّا دَخَلُوا عَلَى
يُوسُفَ نَقَرَ الصُّوَاعَ وَقَالَ : إِنَّهُ يُخْبِرُنِي أَنَّكُمْ كُنْتُمُ اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا وَأَنَّكُمْ بِعْتُمْ أَخَاكُمْ . فَلَمَّا سَمِعَهُ
بِنْيَامِينُ سَجَدَ لَهُ وَقَالَ : سَلْ صُوَاعَكَ هَذَا عَنْ أَخِي أَحِيٌّ هُوَ ؟ فَنَقَرَهُ ، ثُمَّ قَالَ : هُوَ حَيٌّ ، وَسَتَرَاهُ . قَالَ : فَاصْنَعْ بِي مَا شِئْتَ فَإِنَّهُ إِنْ عَلِمَ بِي فَسَوْفَ يَسْتَقِدُّنِي ، قَالَ : فَدَخَلَ
يُوسُفُ فَبَكَى ثُمَّ تَوَضَّأَ وَخَرَجَ إِلَيْهِمْ ، قَالَ : فَلَمَّا حَمَّلَ
يُوسُفُ إِبِلَ إِخْوَتِهِ مِنَ الْمِيرَةِ جَعَلَ الْإِنَاءَ الَّذِي يَكِيلُ بِهِ الطَّعَامَ ، وَهُوَ الصُّوَاعُ ، وَكَانَ مِنْ فِضَّةٍ ، فِي رَحْلِ أَخِيهِ .
[ ص: 133 ] وَقِيلَ : كَانَ إِنَاءً يَشْرَبُ فِيهِ . وَلَمْ يَشْعُرْ أَخُوهُ بِذَلِكَ .
وَقِيلَ : إِنَّ
بِنْيَامِينَ لَمَّا عَلِمَ أَنَّ
يُوسُفَ أَخُوهُ قَالَ : لَا أُفَارِقُكَ . قَالَ
يُوسُفُ : أَخَافُ غَمَّ أَبَوَيْنَا وَلَا يُمْكِنُنِي حَبْسُكَ إِلَّا بَعْدَ أَنْ أُشْهِرَكَ بِأَمْرٍ فَظِيعٍ . قَالَ : افْعَلْ . قَالَ : فَإِنِّي أَجْعَلُ الصُّوَاعَ فِي رَحْلِكَ ، ثُمَّ أُنَادِي عَلَيْكَ بِالسَّرِقَةِ لِآخُذَكَ مِنْهُمْ . قَالَ : افْعَلْ : فَلَمَّا ارْتَحَلُوا
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=70أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ .
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=73قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ مَا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ لِأَنَّنَا رَدَدْنَا ثَمَنَ الطَّعَامِ إِلَى
يُوسُفَ . فَلَمَّا قَالُوا ذَلِكَ
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=74قَالُوا فَمَا جَزَاؤُهُ إِنْ كُنْتُمْ كَاذِبِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=75قَالُوا جَزَاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ تَأْخُذُونَهُ لَكُمْ .
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=76فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ فَفَتَّشَهَا
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=76قَبْلَ وِعَاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِنْ وِعَاءِ أَخِيهِ . فَقَالُوا :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=77إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ ، يَعْنُونَ
يُوسُفَ ، وَكَانَتْ سَرِقَتُهُ حِينَ سَرَقَ صَنَمًا لِجَدِّهِ أَبِي أُمِّهِ فَكَسَرَهُ فَعَيَّرُوهُ بِذَلِكَ ، وَقِيلَ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِنَ الْمِنْطَقَةِ .
فَلَمَّا اسْتُخْرِجَتِ السَّرِقَةُ مِنْ رَحْلِ الْغُلَامِ قَالَ إِخْوَتُهُ : يَا
بَنِي رَاحِيلَ ، لَا يَزَالُ لَنَا مِنْكُمْ بَلَاءٌ ! فَقَالَ
بِنْيَامِينُ : بَلْ
بَنُو رَاحِيلَ مَا يَزَالُ لَهُمْ مِنْكُمْ بَلَاءٌ ! وَضَعَ هَذَا الصُّوَاعَ فِي رَحْلِيَ الَّذِي وَضَعَ الدَّرَاهِمَ فِي رِحَالِكُمْ .
فَأَخَذَ
يُوسُفُ أَخَاهُ بِحُكْمِ إِخْوَتِهِ ، فَلَمَّا رَأَوْا أَنَّهُمْ لَا سَبِيلَ لَهُمْ عَلَيْهِ سَأَلُوهُ أَنْ يَتْرُكَهُ لَهُمْ وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=78قَالُوا يَاأَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ . فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=79مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ . فَلَمَّا أَيِسُوا مِنْ خَلَاصِهِ خَلَصُوا نَجِيًّا لَا يَخْتَلِطُ بِهِمْ غَيْرُهُمْ ، فَقَالَ كَبِيرُهُمْ ، وَهُوَ
شَمْعُونُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=80أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ [ ص: 134 ] أَنْ نَأْتِيَهُ بِأَخِينَا إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِنَا ، وَمِنْ قَبْلِ هَذِهِ الْمَرَّةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=80مَا فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي بِالْخُرُوجِ ، وَقِيلَ : بِالْحَرْبِ ، فَارْجِعُوا إِلَى أَبِيكُمْ فَقُصُّوا عَلَيْهِ خَبَرَكُمْ .
فَلَمَّا رَجَعُوا إِلَى أَبِيهِمْ فَأَخْبَرُوهُ بِخَبَرِ
بِنْيَامِينَ وَتَخَلَّفَ
شَمْعُونُ nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=83قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ
وَشَمْعُونَ ، ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهُمْ ، وَقَالَ : وَاحُزْنَاهْ عَلَى
يُوسُفَ !
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=84وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ مَمْلُوءٌ مِنَ الْحُزْنِ وَالْغَيْظِ فَقَالَ لَهُ بَنُوهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=85تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا - أَيْ : دَنِفًا -
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=85أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ . فَأَجَابَهُمْ
يَعْقُوبُ فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=86إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ مِنْ صِدْقِ رُؤْيَا
يُوسُفَ .
وَقِيلَ : بَلَغَ مِنْ وَجْدِ
يَعْقُوبَ وَجْدَ سَبْعِينَ مُبْتَلًى ، وَأُعْطِيَ عَلَى ذَلِكَ أَجْرَ مِائَةِ شَهِيدٍ .
قِيلَ : دَخَلَ عَلَى
يَعْقُوبَ جَارٌ لَهُ فَقَالَ : يَا
يَعْقُوبُ ، قَدِ انْهَشَمْتَ وَفَنِيتَ وَلَمْ تَبْلُغْ مِنَ السِّنِّ مَا بَلَغَ أَبُوكَ ! فَقَالَ : هَشَمَنِي وَأَفْنَانِي مَا ابْتَلَانِي اللَّهُ بِهِ مِنْ هَمِّ
يُوسُفَ . فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ : أَتَشْكُونِي إِلَى خَلْقِي ؟ قَالَ : يَا رَبِّ خَطِيئَةٌ فَاغْفِرْهَا . قَالَ : قَدْ غَفَرْتُهَا لَكَ . فَكَانَ
يَعْقُوبُ إِذَا سُئِلَ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=86إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ : لَوْ كَانَا مَيِّتَيْنِ لَأَحْيَيْتُهُمَا لَكَ ، إِنَّمَا ابْتَلَيْتُكَ لِأَنَّكَ قَدْ شَوَيْتَ وَقَتَّرْتَ عَلَى جَارِكَ وَلَمْ تُطْعِمْهُ .
وَقِيلَ : كَانَ سَبَبُ ابْتِلَائِهِ أَنَّهُ كَانَ لَهُ بَقَرَةٌ لَهَا عُجُولٌ فَذَبَحَ عُجُولَهَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَهِيَ تَخُورُ فَلَمْ يَرْحَمْهَا
يَعْقُوبُ ، فَابْتُلِيَ بِفَقْدِ أَعَزِّ وَلَدِهِ عِنْدَهُ ، وَقِيلَ : ذَبَحَ شَاةً ، فَقَامَ بِبَابِهِ مِسْكِينٌ فَلَمْ يُطْعِمْهُ مِنْهَا ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ فِي ذَلِكَ
[ ص: 135 ] وَأَعْلَمَهُ أَنَّهُ سَبَبُ ابْتِلَائِهِ ، فَصَنَعَ طَعَامًا وَنَادَى : مَنْ كَانَ صَائِمًا فَلْيُفْطِرْ عِنْدَ
يَعْقُوبَ .
ثُمَّ إِنَّ
يَعْقُوبَ أَمَرَ بَنِيهِ الَّذِينَ قَدِمُوا عَلَيْهِ مِنْ
مِصْرَ بِالرُّجُوعِ إِلَيْهَا وَتَجَسُّسِ الْأَخْبَارِ عَنْ
يُوسُفَ وَأَخِيهِ ، فَرَجَعُوا إِلَى
مِصْرَ فَدَخَلُوا عَلَى
يُوسُفَ ، وَقَالُوا :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=88يَاأَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ - يَعْنِي قَلِيلَةً -
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=88فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ ، قِيلَ : كَانَتْ بِضَاعَتُهُمْ دَرَاهِمَ زُيُوفًا ، وَقِيلَ : كَانَتْ سَمْنًا وَصُوفًا ، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ ،
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=88وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا بِفَضْلِ مَا بَيْنَ الْجَيِّدِ وَالرَّدِيءِ ، وَقِيلَ : بِرَدِّ أَخِينَا عَلَيْنَا . فَلَمَّا سَمِعَ كَلَامَهُمْ غَلَبَتْهُ نَفْسُهُ فَارْفَضَّ دَمْعُهُ بَاكِيًا ثُمَّ بَاحَ لَهُمْ بِالَّذِي كَانَ يَكْتُمُ ، وَقِيلَ : إِنَّمَا أَظْهَرَ لَهُمْ ذَلِكَ لِأَنَّ أَبَاهُ كَتَبَ إِلَيْهِ ، حِينَ قِيلَ لَهُ إِنَّهُ أَخَذَ ابْنَهُ لِأَنَّهُ سَرَقَ - كِتَابًا :
مِنْ
يَعْقُوبَ إِسْرَائِيلِ اللَّهِ بْنِ إِسْحَاقَ ذَبِيحِ اللَّهِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ اللَّهِ إِلَى
عَزِيزِ مِصْرَ الْمُظْهِرِ الْعَدْلَ
أَمَّا بَعْدُ ، فَإِنَّا أَهْلُ بَيْتٍ مُوَكَّلٌ بِنَا الْبَلَاءُ ، وَأَمَّا جَدِّي فَشُدَّتْ يَدَاهُ وَرِجْلَاهُ ، وَأُلْقِيَ فِي النَّارِ فَجَعَلَهَا اللَّهُ بَرْدًا وَسَلَامًا ، وَأَمَّا أَبِي فَشُدَّتْ يَدَاهُ وَرِجْلَاهُ ، وَوُضِعَ السِّكِّينُ عَلَى حَلْقِهِ لِيُذْبَحَ فَفَدَاهُ اللَّهُ ، وَأَمَّا أَنَا فَكَانَ لِيَ ابْنٌ وَكَانَ أَحَبَّ أَوْلَادِي إِلَيَّ فَذَهَبَ بِهِ إِخْوَتُهُ إِلَى الْبَرِّيَّةِ فَعَادُوا وَمَعَهُمْ قَمِيصُهُ مُلَطَّخًا بِدَمٍ ، وَقَالُوا : أَكَلَهُ الذِّئْبُ ، وَكَانَ لِيَ ابْنٌ آخَرُ أَخُوهُ لِأُمِّهِ فَكُنْتُ أَتَسَلَّى بِهِ فَذَهَبُوا بِهِ ، ثُمَّ رَجَعُوا ، وَقَالُوا : إِنَّهُ سَرَقَ وَإِنَّكَ حَبَسْتَهُ ، وَإِنَّا أَهْلُ بَيْتٍ لَا نَسْرِقُ ، وَلَا نَلِدُ سَارِقًا ، فَإِنْ رَدَدْتَهُ عَلَيَّ وَإِلَّا دَعَوْتُ عَلَيْكَ دَعْوَةً تُدْرِكُ السَّابِعَ مِنْ وَلَدِكَ .
فَلَمَّا قَرَأَ الْكِتَابَ لَمْ يَتَمَالَكْ أَنْ بَكَى وَأَظْهَرَ لَهُمْ فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=89هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=90قَالُوا أَئِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا بِأَنْ جَمَعَ بَيْنَنَا ، فَاعْتَذَرُوا وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=91قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=92قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ .
[ ص: 136 ] أَيْ لَا أَذْكُرُ لَكُمْ ذَنْبَكُمْ ،
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=92يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ ، ثُمَّ سَأَلَهُمْ عَنْ أَبِيهِ ، فَقَالُوا : لَمَّا فَاتَهُ
بِنْيَامِينُ عَمِيَ مِنَ الْحُزْنِ ، فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=93اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ . فَقَالَ
يَهُودَا : أَنَا أَذْهَبُ بِهِ لِأَنِّي ذَهَبْتُ إِلَيْهِ بِالْقَمِيصِ مُلَطَّخًا بِالدَّمِ وَأَخْبَرْتُهُ أَنَّ
يُوسُفَ أَكَلَهُ الذِّئْبُ ، فَأَنَا أُخْبِرُهُ أَنَّهُ حَيٌّ فَأُفْرِحُهُ كَمَا أَحْزَنْتُهُ . وَكَانَ هُوَ الْبَشِيرَ .
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=94وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ عَنْ
مِصْرَ حَمَلَتِ الرِّيحُ إِلَى
يَعْقُوبَ رِيحَ
يُوسُفَ ، وَبَيْنَهُمَا ثَمَانُونَ فَرْسَخًا ،
يُوسُفُ بِمِصْرَ وَيَعْقُوبُ بِأَرْضِ كَنْعَانَ . فَقَالَ
يَعْقُوبُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=94إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ ؟ فَقَالَ لَهُ مَنْ حَضَرَهُ مِنْ أَوْلَادِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=95تَاللَّهِ إِنَّكَ مِنْ ذِكْرِ
يُوسُفَ nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=95لَفِي ضَلَالِكَ الْقَدِيمِ nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=96فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ بِقَمِيصِ
يُوسُفَ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِ
يَعْقُوبَ فَعَادَ بَصِيرًا وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=96قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ، يَعْنِي تَصْدِيقَ اللَّهِ تَأْوِيلَ رُؤْيَا
يُوسُفَ ، وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=96لَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ قَالَ لَهُ
يَعْقُوبُ : كَيْفَ تَرَكْتَ
يُوسُفَ ؟ قَالَ : إِنَّهُ مَلِكُ
مِصْرَ . قَالَ : مَا أَصْنَعُ بِالْمُلْكِ ! عَلَى أَيِّ دِينٍ تَرَكْتَهُ ؟ قَالَ : عَلَى الْإِسْلَامِ . قَالَ : الْآنَ تَمَّتِ النِّعْمَةُ . فَلَمَّا رَأَى مَنْ عِنْدَهُ مِنْ أَوْلَادِهِ قَمِيصَ
يُوسُفَ وَخَبَرَهُ قَالُوا لَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=97يَاأَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=98قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ أَخَّرَ الدُّعَاءَ إِلَى السَّحَرِ مِنْ لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ .
ثُمَّ ارْتَحَلَ
يَعْقُوبُ وَوَلَدُهُ ، فَلَمَّا دَنَا مِنْ
مِصْرَ خَرَجَ
يُوسُفُ يَتَلَقَّاهُ وَمَعَهُ
أَهْلُ مِصْرَ ، وَكَانُوا يُعَظِّمُونَهُ ، فَلَمَّا دَنَا أَحَدُهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ نَظَرَ
يَعْقُوبُ إِلَى النَّاسِ وَالْخَيْلِ ، وَكَانَ
يَعْقُوبُ يَمْشِي وَيَتَوَكَّأُ عَلَى ابْنِهِ
يَهُودَا ، فَقَالَ لَهُ : يَا بُنَيَّ هَذَا
فِرْعَوْنُ مِصْرَ . قَالَ : لَا ، هَذَا ابْنُكَ
يُوسُفُ . فَلَمَّا قَرُبَ مِنْهُ أَرَادَ
يُوسُفُ أَنْ يَبْدَأَهُ بِالسَّلَامِ ، فَمُنِعَ مِنْ ذَلِكَ ، فَقَالَ لَهُ
يَعْقُوبُ :
[ ص: 137 ] السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا مُذْهِبَ الْأَحْزَانِ ، لِأَنَّهُ لَمْ يُفَارِقْهُ الْحُزْنُ وَالْبُكَاءُ مُدَّةَ غَيْبَةِ
يُوسُفَ عَنْهُ .
قَالَ : فَلَمَّا دَخَلُوا
مِصْرَ رَفَعَ أَبَوَيْهِ ، يَعْنِي أُمَّهُ وَأَبَاهُ ، وَقِيلَ : كَانَتْ خَالَتَهُ . وَكَانَتْ أَمُّهُ قَدْ مَاتَتْ ، وَخَرَّ لَهُ
يَعْقُوبُ وَأُمُّهُ وَإِخْوَتُهُ سُجَّدًا ، وَكَانَ السُّجُودُ تَحِيَّةَ النَّاسِ لِلْمُلُوكِ ، وَلَمْ يُرِدْ بِالسُّجُودِ وَضْعَ الْجَبْهَةِ عَلَى الْأَرْضِ ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ إِلَّا لِلَّهِ تَعَالَى ، وَإِنَّمَا أَرَادَ الْخُضُوعَ وَالتَّوَاضُعَ وَالِانْحِنَاءَ عِنْدَ السَّلَامِ كَمَا يُفْعَلُ الْآنَ بِالْمُلُوكِ . وَالْعَرْشُ : السَّرِيرُ . وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=100يَاأَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا .
وَكَانَ بَيْنَ رُؤْيَا
يُوسُفَ وَمَجِيءِ
يَعْقُوبَ أَرْبَعُونَ سَنَةً ، وَقِيلَ : ثَمَانُونَ سَنَةً ، فَإِنَّهُ أُلْقِيَ فِي الْجُبِّ وَهُوَ ابْنُ سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً ، وَلَقِيَهُ وَهُوَ ابْنُ سَبْعٍ وَتِسْعِينَ وَعَاشَ بَعْدَ جَمْعِ شَمْلِهِ ثَلَاثًا وَعِشْرِينَ سَنَةً ، وَتُوُفِّيَ وَلَهُ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ سَنَةً ، وَأَوْصَى إِلَى أَخِيهِ
يَهُودَا . وَقِيلَ كَانَتْ غَيْبَةُ
يُوسُفَ عَنْ
يَعْقُوبَ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ سَنَةً . وَقِيلَ : إِنَّ
يُوسُفَ دَخَلَ
مِصْرَ وَلَهُ سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً ، وَاسْتَوْزَرَهُ فِرْعَوْنُ بَعْدَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً مِنْ قُدُومِهِ إِلَى
مِصْرَ ، وَكَانَتْ مُدَّةُ غَيْبَتِهِ عَنْ
يَعْقُوبَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ سَنَةً ، وَكَانَ مُقَامُ
يَعْقُوبَ بِمِصْرَ وَأَهْلِهِ مَعَهُ سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً ، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَلَمَّا مَاتَ
يَعْقُوبُ أَوْصَى إِلَى
يُوسُفَ أَنْ يَدْفِنَهُ مَعَ أَبِيهِ
إِسْحَاقَ ، فَفَعَلَ
يُوسُفُ ، فَسَارَ بِهِ إِلَى
الشَّامِ فَدَفَنَهُ عِنْدَ أَبِيهِ ، ثُمَّ عَادَ إِلَى
مِصْرَ وَأَوْصَى
يُوسُفُ أَنْ يُحْمَلَ مِنْ
مِصْرَ وَيُدْفَنَ عِنْدَ آبَائِهِ ، فَحَمَلَهُ
مُوسَى لَمَّا خَرَجَ
بِبَنِي إِسْرَائِيلَ .
وَوَلَدَ
يُوسُفُ إِفْرَائِيمَ وَمَنْشَى ، فَوُلِدَ
لِإِفْرَائِيمَ نُونٌ ،
وَلِنُونَ يُوشَعُ فَتَى مُوسَى ، وَوُلِدَ
لِمَنْشَى مُوسَى ، قَبْلَ
مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ ، وَزَعَمَ أَهْلُ التَّوْرَاةِ أَنَّهُ
مُوسَى الْخَضِرُ ، وَوُلِدَ لَهُ
رَحْمَةُ امْرَأَةُ أَيُّوبَ فِي قَوْلٍ .