الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 413 ] قال ( وجذع في سقف وذراع من ثوب ذكرا القطع أو لم يذكراه ) لأنه لا يمكن التسليم إلا بضرر ، بخلاف ما إذا باع عشرة دراهم من نقرة فضة لأنه لا ضرر في تبعيضه ، ولو لم يكن معينا لا يجوز لما ذكرنا وللجهالة أيضا ، ولو قطع البائع الذراع أو قلع الجذع قبل أن يفسخ المشتري يعود صحيحا لزوال المفسد ، بخلاف ما إذا باع النوى في التمر أو البذر في البطيخ حيث لا يكون صحيحا .

وإن شقهما وأخرج المبيع لأن في وجودهما احتمالا ، [ ص: 414 ] أما الجذع فعين موجود .

التالي السابق


( قوله وجذع من سقف ) بالجر : أي لا يجوز بيع جذع من سقف ( وذراع من ثوب ) أي ثوب يضره القطع كالعمامة والقميص أما ما لا يضره القطع كالكرباس فيجوز . وقول الطحاوي في آجر من حائط أو ذراع من كرباس أو ديباج لا يجوز ممنوع في الكرباس أو محمول على كرباس يتعيب به . أما ما لا يتعيب به فيجوز كما يجوز بيع قفيز من صبرة ، وكذا لا يجوز بيع حلية من سيف أو نصف زرع لم يدرك ; لأنه لا يمكن تسليمه إلا بقطع جميعه ، وكذا بيع فص خاتم مركب فيه ومثله نصيبه من ثوب مشترك من غير شريكه وذراع من خشبة للزوم الضرر في التسليم في كل ذلك . وأورد عليه أنه ضرر لزم البائع بالتزامه . أجيب بأنه التزم العقد ولا ضرر فيه ولا يخفى ما فيه . وقول فخر الإسلام إن رضي فله أن يرجع فيبطل البيع إلا أن يقطعه أو يقلعه فيسلمه قبل نقض البيع فينقلب صحيحا كذلك ، فإن الرجوع لا يمكنه مع الملزم وهو التزام العقد بما فيه من الضرر ، وأما إيراد المحاباة فدفع بأنه ليس فيه استهلاك مال . نعم يرد بيع الحباب التي لا تخرج إلا بقلع الأبواب على قول من أجاز والبعض قد منعه . وأجيب بأن المتعيب الجدران دون الحباب ، وهذا يفيد أن المنظور إليه في المنع تعيب البيع ، والكلام السابق يفيد أنه تعيب غير المبيع وهو الظاهر . والحق أنه لا بد من سمع حاكم يمنع هذا وما يلحق به هذا هو المعول عليه ، وذلك هو الحديث السابق من نهيه صلى الله عليه وسلم عن بيع اللبن في الضرع والسمن في اللبن . أفاد أن المنع إذا كان لا يسلم المبيع إلا بعيب فيه ضرر بغير المبيع فإن اللبن يدخله ضرر بتسليم السمن . وأظهر من هذا ثبوت الإجماع على عدم جواز بيع أطراف الحيوان كيف شاء وأليتها ورجلها ، وهو معلل بما يلزم في التسليم من الضرر على البائع في المبيع فخرج بيع الحباب التي يحتاج في تسليمها إلى هدم أكتاف الأبواب على من يصحح بيعها ( قوله ولو لم يكن معينا ) يعني الجذع والذراع ( لا يجوز لما ذكرنا ) من لزوم الضرر ( وللجهالة ) ومعلوم أن هذا فيما يتعيب بالتبعيض ويختلف بخلاف درهم من قطعة نقرة

( ولو قلع البائع الجذع وقطع الذراع يعود العقد صحيحا لزوال المفسد ) قبل نقض البيع . ولو فعل بعد الفسخ لا يجوز . وقوله ( بخلاف ما إذا باع النوى في التمر أو البذر في البطيخ ) وكسرها وسلم البذر والنوى قبل الفسخ ( لا يعود صحيحا ) ; لأن الفساد للغرر ( إذ في وجودهما احتمالان ) فكان كبيع [ ص: 414 ] بلا مبيع فوقع باطلا ، بخلاف الجذع فإنه عين محسوسة قائمة ، وإنما يفسد للزوم الضرر فإذا تحمله البائع وسلمه قبل الفسخ وقع التسليم في بيع صحيح ; لأن الغرض أن البيع قائم لكن بوصف الفساد ، فإذا زال المفسد قبل زوال البيع صار بالضرورة بيعا بلا فساد وهو معنى الصحيح ، فهذا معنى قولهم : انقلب صحيحا بخلاف الأول وقع باطلا وهو معنى المعدوم شرعا فليس هناك بيع قائم ليزول المبطل فيبقى بيعا بلا بطلان ، بل إذا زال المبطل بقي ملك المبيع بلا مانع من إيراد العقد الصحيح عليه ، وعدم المانع من إيراد العقد الصحيح وإيجاده ليس هو وجود البيع الصحيح جائزا مع أنه تحمل الضرر بالذبح . أجيب بأن المنع هناك لعلة أخرى غير لزوم الضرر في التسليم وهو كونه متصلا متضمنا له خلقة والنص يمنعه وهو النهي عن بيع الصوف على الظهر واللبن في الضرع والسمن في اللبن . وقد يقال : لا أثر لذلك فيما فيه الكلام ، وهو أنه إذا أزال المانع بالذبح والفصل . فإن قيل : يتناوله بعد الفصل النهي عنه قبل الفصل وحين وقع وقع منهيا . قلنا : وكذا الجذع في السقف سواء




الخدمات العلمية