الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال ( ولا يجوز أن يبيع ثمرة ويستثني منها ، أرطالا معلومة ) خلافا لمالك رحمه الله ; لأن الباقي بعد الاستثناء مجهول ، .

[ ص: 292 ] بخلاف ما إذا باع واستثنى نخلا معينا ; لأن الباقي معلوم بالمشاهدة . قال رضي الله عنه : قالوا هذه رواية الحسن وهو قول الطحاوي ; أما على ظاهر الرواية ينبغي أن يجوز ; لأن الأصل أن ما يجوز إيراد العقد عليه بانفراده يجوز استثناؤه من العقد ، وبيع قفيز من صبرة جائز فكذا استثناؤه ، بخلاف استثناء الحمل وأطراف الحيوان ; لأنه لا يجوز بيعه ، فكذا استثناؤه .

التالي السابق


( قوله ولا يجوز أن يبيع ثمرة ويستثني منها أرطالا معلومة خلافا لمالك ) أجازه قياسا على استثناء شجرة معينة . قلنا : قياس مع [ ص: 292 ] الفارق ; لأن الباقي بعد إخراج المستثنى غير مشار إليه ، ولا معلوم الكيل المخصوص فكان مجهولا ، بخلاف الباقي بعد إخراج الشجرة فإنه معلوم مفرز بالإشارة ( قالوا : هذه رواية الحسن عن أبي حنيفة رضي الله عنه وهو قول الطحاوي والشافعي وأحمد رحمهم الله ) . وعلى ما ذكرنا من التعليل لا يرد ما قيل ينبغي أن يجوز البيع على كل حال ; لأنه إن بقي شيء بعد إخراج المستثنى فظاهر ، وإن لم يبق شيء يكون الاستثناء باطلا ; لأنه مستغرق فيبقى الكل مبيعا ; لأن ورود هذا على التعليل يجوز أن لا يبقى بعد الاستثناء شيء وتعليل المصنف بجهالة المبيع ، وهو يوجب الفساد وإن ظهر ارتفاعها بالآخرة واتفق أنه بقي مقدار معين ; لأن الجهالة القائمة قبل ذلك في الحال هي المفسدة . قال المصنف رحمه الله ( فأما على ظاهر الرواية ينبغي أن يجوز ; لأن الأصل أن ما يجوز إيراد العقد عليه بانفراده يجوز استثناؤه من العقد وبيع قفيز من صبرة جائز فكذا استثناؤه بخلاف استثناء الحمل ) من الجارية الحامل أو الشاة ( وأطراف الحيوان لا يجوز ) كما إذا باع هذه الشاة إلا أليتها وهذا العبد إلا يده فيصير مشتركا متميزا ، بخلاف ما لو كان مشتركا على الشيوع فإنه جائز ، وإنما قال : ينبغي ; لأن جواب هذه المسألة ليس مصرحا به في ظاهر الرواية [ ص: 293 ] وهو أن كل ما جاز إفراده بإيراد العقد عليه جاز استثناؤه ويصير الباقي مبيعا إلا أن عدم الجواز أقيس بمذهب أبي حنيفة في بيع صبرة طعام كل قفيز بدرهم فإنه أفسد البيع بجهالة قدر المبيع وقت العقد وهو لازم في استثناء أرطال معلومة مما على الأشجار وإن لم يفض إلى المنازعة . فالحاصل أن كل جهالة مفضية إلى المنازعة مبطلة فليس يلزم أن ما لم يفض إليها يصح معها بل لا بد من عدم المفضية إلى المنازعة في الصحة من كون البيع على حدود الشرع ; ألا يرى أن المتبايعين قد يتراضيان على شرط لا يقتضيه العقد ، وعلى البيع بأجل مجهول كقدوم الحاج ونحوه ولا يعتبر ذلك مصححا . وأما ما قيل في توجيه المنع لعل المبيع لا يبلغ إلا تلك الأرطال فبعيد إذ المشاهدة تفيد كون تلك الأرطال لا تستغرق الكل ، وإلا فلا يرضى المشتري حينئذ بذلك الاستثناء .




الخدمات العلمية