الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( ضرب ) الضاد والراء والباء أصل واحد ، ثم يستعار ويحمل عليه . [ ص: 398 ] من ذلك ضربت ضربا ، إذا أوقعت بغيرك ضربا . ويستعار منه ويشبه به الضرب في الأرض تجارة وغيرها من السفر . قال الله تعالى : وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة . ويقولون : إن الإسراع إلى السير أيضا ضرب . قال :


                                                          فإن الذي كنتم تحذرون أتتنا عيون به تضرب

                                                          والطير الضوارب : الطوالب للرزق . ويقال : رجل مضرب : شديد الضرب . ومن الباب : الضرب : الصيغة . يقال هذا من ضرب فلان ، أي صيغته ; لأنه إذا صاغ شيئا فقد ضربه .

                                                          والضريب : المثل ، كأنهما ضربا ضربا واحدا وصيغا صياغة واحدة . والضريب الصقيع : كأن السماء ضربت به الأرض . ويقال للذي أصابه الضريب : مضروب . قال :


                                                          ومضروب يئن بغير ضرب     يطاوحه الطراف إلى الطراف

                                                          والضريب من اللبن : ما خلط محضه بحقينه ، كأن أحدهما قد ضرب على الآخر . والضريب : الشهد ، كأن النحل ضربه . ويقال للسجية والطبيعة : الضريبة ، كأن الإنسان قد ضرب عليها ضربا وصيغ صيغة . ومضرب السيف ومضربه : المكان الذي يضرب به منه . ويقال للصنف من الشيء : الضرب ، كأنه ضرب على مثال ما سواه من ذلك الشيء . والضريبة : ما يضرب على الإنسان من جزية وغيرها . والقياس واحد ، كأنه قد ضرب به ضربا . ثم يتسعون فيقولون : ضرب فلان على يد فلان ، إذا حجر عليه ، كأنه أراد بسط يده فضرب الضارب على يده فقبض يده . ومن الباب ضراب الفحل الناقة .

                                                          [ ص: 399 ] ويقال : أضربت الناقة : أنزيت عليها الفحل . وأضرب فلان عن الأمر ، إذا كف ، وهو من الكف ، كأنه أراد التبسط فيه ثم أضرب ، أي أوقع بنفسه ضربا فكفها عما أرادت .

                                                          فأما الذي يحكى عن أبي زيد ، أن العرب تقول : أضرب الرجل في بيته : أقام ، فقياسه قياس الكلمة التي قبلها .

                                                          ومن الباب الضرب : العسل الغليظة ، كأنها ضربت ضربا ، كما يقال : نفضت الشيء نفضا ، والمنفوض نفض . ويقال للموكل بالقداح : الضريب . وسمي ضريبا لأنه مع الذي يضربها ، فسمي ضريبا كالقعيد والجليس .

                                                          ومما استعير في هذا الباب قولهم للرجل الخفيف الجسم : ضرب ، شبه في خفته بالضربة التي يضربها الإنسان . قال :


                                                          أنا الرجل الضرب الذي تعرفونه     خشاش كرأس الحية المتوقد

                                                          والضارب : المتسع في الوادي ، كأنه نهج يضرب في الوادي ضربا .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية