الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( شر ) الشين والراء أصل واحد يدل على الانتشار والتطاير . من ذلك الشر خلاف الخير . ورجل شرير ، وهو الأصل ; لانتشاره وكثرته . والشر : بسطك الشيء في الشمس . والشرارة ، والجمع الشرار . والشرر : ما تطاير من النار ، الواحدة شررة . قال الله جل وعلا : إنها ترمي بشرر كالقصر . ويقال : شرشر الشيء ، إذا قطعه . والإشرارة : ما يبسط عليه الشيء . والشواء الشرشار : الذي يتقاطر دسمه . والشرشرة : أن تنفض الشيء من فيك بعد عضك إياه . وشراشر الأذناب : ذباذبها . وأنشد :

                                                          [ ص: 181 ]

                                                          فعوين يستعجلنه ولقينه يضربنه بشراشر الأذناب



                                                          فإن قال قائل : فعلى أي قياس من هذا الباب يحمل الشراشر ، وهي النفس ، يقال ألقى عليه شراشره ، إذا ألقى عليه نفسه حرصا ومحبة . وهو قوله :


                                                          ومن غية تلقى عليها الشراشر



                                                          فالجواب أن القياس في ذلك صحيح ، وليس يعنى بالشراشر الجسم والبدن ، إنما يراد به النفس . وذلك عبارة عن الهمم والمطالب التي في النفس . يقال ألقى عليه شراشره ، أي جمع ما انتشر من هممه لهذا الشيء ، وشغل همومه كلها به . فهذا قياس .

                                                          ويقال أشررت فلانا ، إذا نسبته إلى الشر . قال طرفة :


                                                          وما زال شربي الراح حتى أشرني     صديقي وحتى ساءني بعض ذلك



                                                          ويقال أشررت الشيء ، إذا أبرزته وأظهرته . قال :


                                                          وحتى أشرت بالأكف المصاحف



                                                          وقال :

                                                          [ ص: 182 ]

                                                          إذا قيل أي الناس شر قبيلة     أشرت كليبا بالأكف الأصابع

                                                          وقال امرؤ القيس :


                                                          تجاوزت أحراسا عليها ومعشرا     علي حراصا لو يشرون مقتلي



                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية