الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                7317 ص: حدثنا يونس ، قال: ثنا عبد الله بن يوسف ، قال: حدثني الليث ، قال: حدثني محمد بن عجلان ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده: " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى أن تنشد الأشعار في المساجد، وأن تباع فيه السلع، وأن يتحلق فيه قبل الصلاة". .

                                                التالي السابق


                                                ش: رجاله ثقات، وقد تقدم الكلام غير مرة في حديث عمرو بن شعيب ، عن أبيه، عن جده، والصحيح: أنه إذا كان رجال سنده ثقات فهو صحيح. والحديث أخرجه الأربعة.

                                                فقال أبو داود: ثنا مسدد: نا يحيى ، عن ابن عجلان ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه، عن جده: "أن رسول الله -عليه السلام- نهى عن الشراء والبيع في المسجد، وأن تنشد فيه الضالة، وأن ينشد فيه شعر، ونهى عن التحلق قبل الصلاة يوم الجمعة".

                                                وقال الترمذي: ثنا قتيبة، قال: ثنا الليث ، عن ابن عجلان ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه، عن جده، عن رسول الله -عليه السلام-: "أنه نهى عن تناشد الأشعار في المسجد، وعن البيع والشراء فيه، وأن يتحلق الناس يوم الجمعة قبل الصلاة".

                                                وقال النسائي : أنا قتيبة، قال: ثنا الليث ...إلى آخره نحوه.

                                                [ ص: 489 ] وأخرجه أيضا: عن إسحاق بن إبراهيم ، عن يحيى بن سعيد، وليس فيه إنشاد الشعر.

                                                وقال ابن ماجه: ثنا عبد الله بن سعيد الكندي، قال: ثنا أبو خالد الأحمر ، عن ابن عجلان ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه، عن جده، قال: "نهى رسول الله -عليه السلام- عن البيع والابتياع وعن تناشد الأشعار في المساجد".

                                                قوله: "السلع" بكسر السين وفتح اللام، جمع سلعة.

                                                قوله: "وأن يتحلق فيه" أي: ونهى أيضا عن التحلق في المسجد، وهو: اتخاذ الحلقة، وفي رواية: "ونهى عن الحلق" بفتح الحاء وفتح اللام، جمع الحلقة بسكون اللام، مثل هضبة وهضب.

                                                وفي "المحكم": الحلقة: كل شيء استدار كحلقة الحديد والذهب والفضة، وكذلك هو في الناس، والجمع حلاق على الغالب، وحلق على النادر.

                                                والحلق عند سيبويه: اسم للجمع، ليس يجمع؛ لأن فعلة ليست مما يكسر على فعل، وقد حكى سيبويه في الحلقة: فتح اللام، وأنكرها ابن السكيت وغيره.

                                                وقال اللحياني: حلقة الباب وحلقته، بإسكان اللام وفتحها، وقال كراع: حلقة القوم وحلقتهم.

                                                وحكى يونس عن أبي عمرو: حلقة في الواحد بالتحريك، والجمع حلقات.

                                                وقال الجوهري: الجمع حلق، على غير قياس، وقال كراع: الجمع حلق وحلق وحلاق.

                                                ويستفاد من الحديث:

                                                النهي عن تناشد الأشعار في المساجد، وسيجيء مزيد الكلام فيه.

                                                [ ص: 490 ] والنهي عن بيع السلع فيها؛ لأنها لم تبن لذلك، وقال الشيخ محيي الدين: ويتعلق به ما في معناه من نحو الإجارة، وعقد المضاربة، والمزارعة، ونحو ذلك من العقود.

                                                والنهي عن التحلق فيها قبل الصلاة، وذلك حتى يتأهبوا للصلاة، وسواء كان التحلق للعلم والمذاكرة أو غير ذلك، ولا يكره التحلق بعد الفراغ من الصلاة، ومورد الحديث في التحليق قبل الصلاة يوم الجمعة، ولهذا بوب أبو داود رحمة الله عليه قال: باب: "التحليق يوم الجمعة قبل الصلاة"، ثم روى الحديث المذكور.

                                                وفيه النهي عن إنشاد الضالة، يقال: أنشدت الضالة إذا طلبتها، وأنشدتها إذا عرفتها.

                                                وقد ثبت: "من سمع من ينشد ضالة في المسجد فليقل: لا ردها الله عليه، فإن المساجد لم تبن لهذا".

                                                وكذا يكره رفع الصوت في المسجد، وقال القاضي: قال مالك وجماعة من العلماء: يكره رفع الصوت في المسجد بالعلم وغيره.

                                                وأجاز أبو حنيفة ، ومحمد بن مسلمة من أصحاب مالك رفع الصوت فيه بالعلم والخصومة وغير ذلك مما يحتاج إليه الناس؛ لأنه مجمعهم ولابد لهم منه.




                                                الخدمات العلمية