الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                6074 [ ص: 410 ] ص: ولقد استحب أبي بن كعب - رضي الله عنه - أخذ اللقطة وأن لا تترك للسباع؛ فحدثنا علي بن شيبة ، قال: حدثنا يزيد بن هارون ، قال: أنا سفيان الثوري ، عن سلمة بن كهيل ، عن سويد بن غفلة قال: " خرجت حاجا فأصبت سوطا فأخذته، فقال زيد بن صوحان: دعه، فقلت: لا أدعه للسباع، لآخذنه فلأستنفعن به، فلقيت أبي بن كعب فذكرت ذلك له، فقال: أحسنت، وجدت صرة فيها مائة دينار على عهد رسول الله -عليه السلام- فأخذتها، فذكرتها لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: عرفها حولا، فإن وجدت من يعرفها فادفعها إليه، وإلا فاستنفع بها".

                                                6075 حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو داود، قال: ثنا شعبة ، عن سلمة بن كهيل، قال: سمعت سويد بن غفلة ...فذكر نحو حديث علي بن شيبة، وزاد: "قال أبي - رضي الله عنه -: فأتيت النبي -عليه السلام- فذكرت ذلك، فقال: عرفها حولا، قال: فعرفتها حولا فلم أجد من يعرفها، قال: فأتيت النبي -عليه السلام- فقال: عرفها حولا، فعرفتها حولا، فلم أجد من يعرفها، ثم أتيته الثالثة، فقال: عرفها حولا، فعرفتها حولا فلم أجد من يعرفها، فقال: احفظ عددها ووعاءها ووكاءها، ، فإن جاء صاحبها وإلا فاستنفع بها" . ثم قال شعبة: : ثم إن سلمة شك فلا يدري أثلاثة أعوام أم عاما واحدا؟ قال سلمة: فأعجبني هذا الحديث، فقلت لأبي صادق ذلك، فقال شعبة: من أبي بن كعب كما سمعته من سويد .

                                                6076 حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا أبو معمر المنقري ، قال: ثنا عبد الوارث ، قال: ثنا محمد بن جحادة ، عن سلمة بن كهيل ، عن سويد بن غفلة ، عن أبي بن كعب - رضي الله عنه - قال: " التقطت على عهد رسول الله -عليه السلام- مائة دينار، فأتيت بها النبي -عليه السلام- فذكرت ذلك له، فقال: عرفها سنة، فعرفتها سنة فلم أجد من يعرفها، ثم أتيته فقلت: قد عرفتها سنة فلم أجد من يعرفها، فقال: عرفها سنة، فعرفتها سنة فلم أجد أحدا يعرفها، فأتيته فقلت: قد عرفتها سنة فلم أجد من يعرفها، فقال: اعلم عددها ووكاءها، ثم استمتع بها".

                                                التالي السابق


                                                ش: أخرج حديث أبي بن كعب - رضي الله عنه - من ثلاث طرق صحاح: [ ص: 411 ] الأول: عن علي بن شيبة ، عن يزيد بن هارون الواسطي ، عن سفيان الثوري ، عن سلمة بن كهيل ، عن سويد بن غفلة بن عوسجة الجعفي الكوفي، أدرك الجاهلية وروي عنه أنه قال: أنا لدة رسول الله -عليه السلام-، ولدت عام الفيل. قدم المدينة حين نفضت الأيدي من دفن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

                                                وأخرجه الترمذي: ثنا الحسن بن علي الخلال، قال: ثنا عبد الله بن نمير ويزيد بن هارون ، عن سفيان الثوري ، عن سلمة بن كهيل ، عن سويد بن غفلة قال: "خرجت مع زيد بن صوحان وسليمان بن ربيعة فوجدت سوطا -قال ابن نمير في حديثه: فالتقطت سوطا- فأخذته، قالا: دعه، فقلت: لا أدعه لا يأكله السباع، لآخذنه فلأستمتعن به، فقدمت على أبي بن كعب فسألته عن ذلك، وحدثته الحديث، فقال: أحسنت، وجدت على عهد النبي -عليه السلام- صرة فيها مائة دينار، قال: فأتيته بها، فقال لي: عرفها حولا، فعرفتها، ثم أتيته فقال: عرفها حولا آخر، فعرفتها، ثم أتيته فقال: عرفها حولا آخر، فقال: احص عددها ووكاءها ووعاءها، فإذا جاء طالبها فأخبرك بعدتها ووعاءها ووكاءها فادفعها إليه، وإلا فاستمتع بها".

                                                الثاني: عن أبي بكرة بكار القاضي ، عن أبي داود سليمان بن داود الطيالسي عن شعبة بن الحجاج ، عن سلمة بن كهيل ...إلى آخره.

                                                وأخرجه مسلم: ثنا محمد بن بشار، ثنا محمد بن جعفر، نا شعبة. ح

                                                وثنا أبو بكر بن نافع -واللفظ له- قال: ثنا غندر، قال: ثنا شعبة ، عن سلمة بن كهيل، قال: سمعت سويد بن غفلة قال: "خرجت أنا وزيد بن صوحان وسليمان بن ربيعة غازيين، فوجدت سوطا فأخذته، وقالا لي: دعه، فقلت: لا، ولكني أعرفه، فإن جاء صاحبه وإلا استمتعت به، قال: فأبيت عليهما، فلما رجعنا من غزاتنا قضي لي أني حججت فأتيت المدينة، فلقيت أبي بن [ ص: 412 ] كعب فأخبرته بشأن السوط وبقولهما، فقال: إني وجدت صرة فيها مائة دينار على عهد رسول الله -عليه السلام-، فأتيت بها رسول الله -عليه السلام-، فقال: عرفها حولا، قال: فعرفتها حولا فلم أجد من يعرفها، ثم أتيته فقال: عرفها حولا، فعرفتها فلم أجد من يعرفها، ثم أتيته فقال: عرفها حولا، فعرفتها فلم أجد من يعرفها، فقال: احفظ عددها ووعاءها ووكاءها، فإن جاء صاحبها وإلا فاستمتع بها، فاستمتعت بها فلقيته بعد ذلك بمكة فقال: لا أدري ثلاثة أحوال أو حولا واحدا".

                                                وأخرجه أبو داود أيضا: عن محمد بن كثير ، عن شعبة ، عن سلمة بن كهيل ، عن سويد بن غفلة، قال: "حججت مع زيد بن صوحان وسلمان بن ربيعة، فوجدت سوطا...." الحديث.

                                                وأخرجه بقية الجماعة.

                                                الثالث: عن إبراهيم بن أبي داود البرلسي ، عن أبي معمر عبد الله بن عمرو ابن أبي الحجاج المنقري البصري المقعد شيخ البخاري وأبي داود ، عن عبد الوارث بن سعيد ، عن محمد بن جحادة الأودي ، عن سلمة بن كهيل ، عن سويد بن غفلة ...إلى آخره.

                                                وأخرجه عبد الله بن أحمد في "مسنده": حدثني أحمد بن أيوب بن راشد البصري، ثنا عبد الوارث، نا محمد بن جحادة ، عن سلمة بن كهيل ، عن سويد بن غفلة ، عن أبي بن كعب قال: "التقطت على عهد رسول الله -عليه السلام- مائة دينار، فأتيت بها رسول الله -عليه السلام-، فقال: عرفها سنة، فعرفتها سنة ثم أتيته، فقلت: قد عرفتها سنة، قال: عرفها سنة أخرى، قال: فعرفتها سنة أخرى، ثم أتيته في الثالثة فقال: احص عددها ووكاءها واستمتع بها".

                                                [ ص: 413 ] قوله: "فقال زيد بن صوحان" بضم الصاد، هو زيد بن صوحان بن حجر بن الحارث الربعي العبدي عده جماعة من الصحابة، وذكره ابن حبان في التابعين الثقات.

                                                قوله: "دعه" أي اتركه.

                                                قوله: "فقلت لأبي صادق" اسمه: مسلم بن يزيد، ويقال عبد الله بن ناجذ الأزدي الكوفي، قال أبو حاتم: صدوق مستقيم الحديث.

                                                ثم في هذا الحديث من الفقه: أن أخذ اللقطة جائز، وأنه -عليه السلام- لم ينكر أخذها على أبي - رضي الله عنه -.

                                                وفيه: أن اللقطة إذا كانت مما لا يسرع إليه الفساد فيتلف قبل مضي السنة، فإنها تعرف سنة كاملة، وقد اختلفت الرواية في تحديد المدة فقال فيها: "لا ندري ثلاثة أعوام أم عاما واحدا"، وفي خبر زيد بن خالد: "عرفها حولا واحدا" من غير شك، وهو مذهب عامة الفقهاء.




                                                الخدمات العلمية