الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                7382 ص: من الحجة لأهل المقالة الأولى على أهل هذه المقالة: أن الوصية بالثلث لو كان جورا إذا لأنكر رسول الله -عليه السلام- ذلك على سعد، ، ولقال له: قصر عن ذلك، فلما ترك ذلك كان قد أباحه إياه، وفي ذلك ثبوت ما ذهب إليه أهل المقالة الأولى.

                                                وممن ذهب إلى ذلك أبو حنيفة ، وأبو يوسف ، ومحمد ، -رحمهم الله-.

                                                التالي السابق


                                                ش: أي فمن الدليل والبرهان لأهل المقالة الأولى على أهل المقالة الثانية، وأراد بهذا: الجواب عما قاله أهل المقالة الثانية.

                                                [ ص: 178 ] واعلم أن هذا فيما إذا كان له وارث، وأما إذا لم يكن له وارث فله أن يوصي بجميع ماله إن شاء. صح ذلك عن ابن مسعود وغيره. وهو قول الحسن البصري ، وأبي حنيفة وأصحابه، وشريك القاضي ، وإسحاق ، وعبيدة السلماني ، ومسروق .

                                                واختلف في ذلك قول أحمد وهو المشهور عنه.

                                                وقال مالك وابن شبرمة ، والأوزاعي ، والحسن بن حي ، والشافعي ، وأبو سليمان: له أن يوصي بأكثر من الثلث كان له وارث أو لم يكن. قاله ابن حزم في "المحلى".

                                                وقال أبو عمر: أجمع فقهاء الأمصار: أن الوصية بأكثر من الثلث إذا أجازها الورثة جازت، وإن لم يجزها الورثة لم يجز منها إلا الثلث. وقال أهل الظاهر: الوصية بأكثر من الثلث لا تجوز؛ أجازها الورثة أو لم تجزها. وهو قول عبد الله بن كيسان، وإليه ذهب المزني .

                                                وقال الجصاص في "أحكامه": قد اختلف الفقهاء فيمن أوصى بأكثر من الثلث فأجازه الورثة قبل الموت؛ فقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد وزفر والحسن بن صالح ، وعبيد الله بن الحسن: إذا أجازوه في حياته لم يجز ذلك حتى يجيزوه بعد الموت، وروي نحو ذلك عن عبد الله بن مسعود وشريح وإبراهيم .

                                                وقال ابن أبي ليلى وعثمان البتي: ليس لهم أن يرجعوا فيه بعد الموت، وهي جائزة عليهم.

                                                وقال مالك: إذا استأذنهم فكل وارث بائن عن الميت مثل الولد الذي قد بان عن أبيه، والأخ وابن العم الذين ليسوا في عياله؛ فإنهم ليس لهم أن يرجعوا.

                                                وأما امرأته وبناته اللاتي لم يبن منه وكل من في عياله وإن كان قد احتلم فلهم أن يرجعوا، وكذلك العم وابن العم. وبه قال الليث بن سعد .

                                                [ ص: 179 ] ولا خلاف بين الفقهاء أنهم إذا أجازوه بعد الموت فليس لهم أن يرجعوا فيه، وروي عن طاوس وعطاء أنهم إذا أجازوه في الحياة جاز عليهم.




                                                الخدمات العلمية