الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : والحكم الثاني : تأديب شاهد الزور .

                                                                                                                                            وتأديبه التعزير ، لأنه مما لم يرد فيه حد .

                                                                                                                                            [ ص: 320 ] ولا يبلغ بتعزيره أربعين وغايته تسعة وثلاثون سوطا ؛ لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال صلى الله عليه وسلم : " لا يبلغ بالحد في غير حد " وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من بلغ ما ليس بحد حدا فهو من المعتدين " .

                                                                                                                                            ولا وجه لما قال مالك ، من أنه يجوز أن يزيد في التعزير على أكثر الحدود .

                                                                                                                                            ولا وجه لما قاله ابن أبي ليلى أنه لا يبلغ به المائة ، ويجوز بما دونها .

                                                                                                                                            وقال أبو يوسف : لا يبلغ به ثمانين ، ويجوز فيما دونها .

                                                                                                                                            والصحيح ما ذكرناه من أنه لا يبلغ به الأربعين ويجوز بما دونها ؛ لأن الأربعين حد الخمر في الحر ، فكان غاية تعزير الحر تسعة وثلاثين .

                                                                                                                                            ثم هذه الغاية لا يجب استعمالها في كل معزر ؛ لأن التعزير يختلف باختلاف حال المعزر ويكون موقوفا على الاجتهاد ، فمن أدى الاجتهاد إلى تعزيره بالضرب اجتهد في عدده ، فإن أدى الاجتهاد إلى تعزيره بعشرة أسواط لم يزده عليها ، وإن أدى الاجتهاد إلى تعزيره بالحبس لم يعدل به إلى الضرب ، وإن أدى الاجتهاد إلى تعزيره بالقول والزجر ، لم يعدل به إلى ضرب ولا حبس ، وقد استوفينا حكم التعزير في بابه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية