فصل : القول في . المحاضر والسجلات
فأما صفة المحضر والسجل فللقضاة فيهما عرف وشروط معتبرة ينبغي أن تكون متبعة لما في الخروج عن عرفهم وعادتهم فيها من توجه الظنون ووقوع الاشتباه .
فأما المحضر : فهو حكاية الحال وما جرى بين المتنازعين من دعوى وإقرار وإنكار وبينة ويمين .
فأما السجل : فهو تنفيذ ما ثبت عنده وإمضاء ما حكم به فهذا فرق ما بين المحضر والسجل .
فإن ذكر في المحضر تنفيذ الحكم جرى مجرى السجل في المعنى وإن خالفه لفظه في الابتداء واستغنى به عن السجل ، وإن ذكر السجل حكاية الحال جرى مجرى المحضر في المعنى وإن خالف لفظه في الابتداء واستغنى به عن المحضر وإن كان الأولى أن لا يعدل بواحد منهما عن موضوعه : لأن المقصود بالمحضر أن يتذكر به الحاكم ما جرى بين المتنازعين ليحكم فيه بموجب الشرع ، والمقصود بالسجل أن يكون حجة بما نفذ به الحكم . فلذلك وجب الفرق بينهما بتمييز كل واحد منهما عن الآخر .
وصفة المحضر أن يكتب : حضر القاضي فلان بن فلان ، وهو يومئذ قاضي عبد الله الإمام فلان على بلد كذا في مجلس حكمه وقضائه في موضوع كذا . وسواء كان المحضر على إقرار أو بينة .
[ ص: 205 ] وقال أبو حامد الإسفرايني : إن كان على إقرار لم يذكر مجلس حكمه ، وإن كان في بينة ذكر : لأن سماع البينة حكم ، وليس في الإقرار حكم .
وليس لهذا الفرق بينهما وجه : لأن ، لأنه يتعلق بالإقرار إلزام ، والإلزام حكم . الدعوى لا يسمعها القاضي إلا في مجلس حكمه
ثم يذكر اسم المدعي . واسم المدعى عليه ، وما جرى بينهما ، من قدر الدعوى ، وما تعقبها من إقرار ، أو إنكار ، ويمين ، أو نكول ، أو سماع بينة .
ويعلم القاضي فيه بعلامته التي عرف بها .
وإن أشهد فيه كان أوكد وأحوط ، ويسلمها إلى المحتج بها ، ويجعل مثلها في ديوانه .
وأما السجل فيبدأه بالشهادة ، كما ابتدأ المحضر بالحضور ، فيكون أول السجل :
هذا ما أشهد عليه القاضي فلانا على ما قدمناه ، ويذكر في مجلس حكمه وقضائه ، فإن كان إسجالا بمحضر كتب نسخته ، وإن كان إسجالا بما تضمنه كتاب ، من ثبوت ملك فيه ، كتب نسخته ، وذكر بعده إنفاذ حكمه به ، واستوفاه على شروطه ، وأشهد بما فيه على نفسه .
وللمحاضر والسجلات كتب هو أحق بها من كتابنا هذا الموضوع لفقه الأحكام دون مواضعات الشروط ، وربما أفردنا لذلك كتابا بمشيئة الله .
ولا بد للإسجال من شهادة لما تضمنه من إنفاذ الحكم بما فيه . وقد يكون المحضر في الأغلب بغير شهادة .