مسألة : قال الشافعي - رضي الله عنه - : أحب أن يقضي القاضي في موضع بارز للناس " .
قال الماوردي : وهذا صحيح . وهو من آداب القضاء دون أحكامه .
فأول آدابه إذا ورد بلد عمله أن ليعلم ما هم عليه من موافقة أو اختلاف . يعلمهم قبل دخوله بوروده قاضيا فيه إما بكتاب أو رسول
فإن اتفقوا جميعا على طاعته دخل .
وإن اتفقوا جميعا على مخالفته توقف ، واستطلع رأي الإمام .
استصحاب كتاب الإمام :
والأولى أن حتى يجمعهم على طاعته جبرا إن خالفوه . يستصحب القاضي كتاب الإمام إلى أمير البلد بتقليده القضاء
فإن وافقه بعضهم اعتبر حال موافقيه فإن كانوا أكثر عددا من مخالفيه وأقوى يدا دخل .
توطيد الإمام السبل للقاضي :
وإن كانوا أقل عددا وأضعف يدا توقف وعلى الإمام رد مخالفيه إلى طاعته ولو بقتالهم عليه حتى يذعنوا بالطاعة وليعنه بما ينفذ أمره فيهم ويبسط يده عليهم ليقدر على الانتصاف من القوي للضعيف ومن الشريف للمشروف فقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : " . " إن الله لا يقدس أمة لا يؤخذ للضعيف فيهم حقه
ثم ينادي في البلد إن اتسع بوروده ليعلم به الداني والقاصي والخاص والعام والصغير والكبير ، فيكون أهيب في النفوس وأعظم في القلوب .
ويختار أن اقتداء برسول الله - صلى الله عليه وسلم - في دخوله يكون دخوله إلى البلد في يوم الاثنين المدينة عند هجرته إليها .
ويختار أن كما يقبل الإمام بوجهه في الخطبة قصد وجهه ليعم جميع الناس . يسكن في وسط البلد ليقرب على جميع أهله
[ ص: 28 ] ويختار أن ليعلم الناس ما تضمنه من حدود عمله ومن صفة ولايته في عموم أو خصوص فيجمع الناس لقراءته في أفسح بقاعه من جوامعه ومساجده لأنه يتضمن طاعة الله في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . يبدأ بقراءة عهده قبل نظره
ثم لتستقر [ به ] . ولايته بالنظر ويتوطأ له الخصوم في الحكم وليعلم الناس قدر علمه وضعفه . ينظر بعد قراءته ولو بين خصمين