الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : [ تحديد العمل بالزمان ] .

                                                                                                                                            وأما القسم الثالث وهو أن يكون التقليد مقصورا على بعض الأيام دون جميعها فيجوز إذا عين على اليوم الذي يحكم فيه ، ولا يجوز إن لم يعينه ، لأن النظر مقصور على المتحاكمين فيه فوجب تعيين اليوم ليتعين به الخصوم .

                                                                                                                                            فإذا قلده النظر في يوم السبت لم يخل من ثلاثة أحوال :

                                                                                                                                            أحدها : أن يجعله ناظرا في كل سبت فيكون على ولايته بعد انقضاء السبت وإن لم يكن له أن ينظر في غيره لبقاء نظره على أمثاله .

                                                                                                                                            والحال الثانية : أن يجعله ناظرا في سبت واحد فينعزل بعد غروب شمسه ولا يجوز له أن ينظر في أمثاله ، وليس له أن يجمع في نظر السبت بين الليل والنهار لاختصاص اليوم بالنهار دون الليل .

                                                                                                                                            والحال الثالثة : أن يطلق تقليده في يوم السبت فيحمل على الخصوص دون [ ص: 18 ] العموم ، وليس له النظر إلا في سبت واحد ، وهو أول سبت يكون بعد التقليد ، فإذا نظر فيه انعزل بغروب شمسه ، ولو لم ينظر فيه لم يجز أن ينظر في غيره .

                                                                                                                                            والفرق بين أن يقلده النظر بين اثنين فيحمل إطلاقه على العموم في كل تنازع ، وبين أن يقلده النظر في يوم السبت فيحمل إطلاقه على الخصوص في سبت واحد هو بقاء الخصمين فحمل النظر بينهما على العموم وانقضاء السبت فحمل النظر فيه على الخصوص .

                                                                                                                                            فلو قلد قاضيا أن ينظر في يوم السبت وقلد آخر أن ينظر في يوم الأحد كان كل واحد منهما مقصور النظر على يومه .

                                                                                                                                            فإن ترافع خصمان في يوم السبت إلى قاضيه ولم ينفصل الحكم بينهما فيه حتى رجعا في يوم الأحد كان قاضي الأحد أحق بالنظر بينهما من قاضي السبت .

                                                                                                                                            ولو تنازع خصمان فدعا أحدهما إلى قاضي السبت ودعا الآخر إلى قاضي الأحد ، فإن كان تنازعهما في يوم السبت كان قاضيه أحق بالنظر بينهما .

                                                                                                                                            وإن كان تنازعهما في يوم الأحد كان قاضيه أحق بالنظر بينهما .

                                                                                                                                            وإن كان التنازع في غيرهما من الأيام لم يترجح قول واحد منهما حتى يستأنفا الترافع في أحد اليومين فيصير قاضي ذلك اليوم أحق بالنظر بينهما . وهكذا الحكم إذا قلده النظر في شهر من السنة فيكون مقصور الولاية على ذلك الشهر ليلا ونهارا لأن الشهر يجمعهما .

                                                                                                                                            فهذا حكم الشرط الثالث وما اشتمل عليه من أقسامه الثلاثة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية