الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

السفاريني - محمد بن أحمد بن سالم السفاريني

صفحة جزء
مطلب : في تعريف الكذب .

( تتمة ) في بعض مثالب الكذب وتعريفه . أما تعريفه فقال في الآداب الكبرى : هو الإخبار عن الشيء على خلاف ما هو عليه ، ولا يشترط فيه التعمد ، نعم التعمد شرط لكونه إثما كما ذكره في شرح مسلم وقال إنه مذهب أهل السنة ، وحكاه عنه في الآداب ولم يخالفه بل قال فلعل ظاهره لا يحرم لعدم تعمد الكذب ولم يذكر رواية أبي داود المذكورة وهي قوله { كفى بالمرء إثما أن يحدث بكل ما سمع } فظاهرها يأثم مع عدم تعمد الكذب لكنه لما علم أنه يسمع الكذب والصدق وجب عليه التحري والله أعلم ، ولهذا يقول أصحابنا في اليمين الغموس : هي التي [ ص: 143 ] يحلف بها كاذبا عالما بكذبه .

قال وهذا هو المشهور في الأصول وهو قول الشافعية وغيرهم ، ولذا قال صلى الله عليه وسلم في الخبر الصحيح المشهور الذي بلغ التواتر { من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار } فقيده بالعمد . قيل هو دعاء بلفظ الأمر أي بوأه الله ذلك ، وقيل هو خبر بلفظ الأمر يدل عليه ما في الصحيحين { يلج النار } . ولذا قال بعض المتكلمين شرط الكذب العمدية .

وقال بعضهم أيضا : يعتبر للصدق الاعتقاد وإلا فهو كاذب ، وعلى القول الأول إن طابق الحكم الخارجي فصدق وإلا فكذب . ثم قال : فإذا أخبر المرء عن وجود شيء يعلمه أو يظنه جاز ، وإن علم عدمه أو ظنه لم يجز ، وكذا إن شك فيه لأن الشك لا يصلح مستندا للإخبار ، وسواء طابق الخارج مع الظن أو الشك أو لا ، ولا كفارة في اليمين على الماضي كما في المغني وغيره .

قال لأنها تنقسم ثلاثة أقسام : ما هو صادق فيه فلا كفارة فيه إجماعا ، وما تعمد الكذب فيه فهي اليمين الغموس ، وما يظنه حقا فتبين بخلافه فلا كفارة فيه . وذكر في الأخيرين رواية قال في الآداب الكبرى : وبهذا ظهر أنه لو شك وحلف على خلاف ما يظنه فطابق أنه لا كفارة لأنه صادق وإن لم يجز إقدامه على اليمين والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية